الطرق المنصوبة من قبل الشارع ، فتأمّل (١٢٣٨).
ويؤيّد ما ذكرنا من أنّ النبويّ ليس واردا في مقام الإلزام بترك الشبهات ، امور : أحدها عموم الشبهات للشبهة الموضوعيّة التحريميّة التي اعترف الأخباريّون بعدم وجوب الاجتناب عنها. وتخصيصه بالشبهة الحكميّة ـ مع أنّه إخراج لأكثر الأفراد (١٢٣٩) ـ مناف للسياق ؛ فإنّ سياق الرواية آب عن التخصيص ؛ لأنّه
______________________________________________________
١٢٣٨. لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة ـ مضافا إلى بعد ما ذكره من المناسبة عن ظاهر الرواية ـ إلى عدم صحّة حمل الأمر بترك الشبهات هنا على الإرشاد ، وإن قلنا بذلك في أخبار التوقّف. ووجه الفرق : أنّ الأمر بالتوقّف هناك قد علّل في بعض تلك الأخبار بكون ارتكاب الشبهة اقتحاما في الهلكة ، والهلكة عنوان عامّ شامل للعقاب الاخروي وما سواه من المفاسد. وحينئذ يصحّ أن يقال : إنّ الأمر بالتوقّف إنّما هو للإرشاد إلى التحرّز عن هذه الهلكة المحتملة ، فإن كانت الهلكة المحتملة في مورد الشبهة هو العقاب الاخروي ـ كما في العقائد ، ومورد تنجّز التكليف لأجل العلم الإجمالي ، أو عدم معذوريّة المكلّف لأجل تمكّنه من الفحص وإزالة الشبهة ـ يجب فيه التوقّف ، وإن كانت غيره من المفاسد ـ كما في ارتكاب أموال الظلمة ـ يستحبّ فيه ذلك ، كما تقدّم توضيحه في كلام المصنّف رحمهالله فيما أجاب به عن أخبار التوقّف ، بخلاف ما نحن فيه ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد بيّن في أخبار التثليث وجه الأمر بترك الشبهات ، وهو استلزام ارتكابه للدخول في الحرام ، فإن كان ذلك مقتضيا للوجوب فهو مقتض له مطلقا ، وإن كان مقتضيا للاستحباب فكذلك ، لعدم اختلافه باختلاف المقامات حتّى يقتضي الوجوب في مقام والاستحباب في مقام آخر. هذا ، مضافا إلى ما اعترضنا به على ما أجاب به المصنّف رحمهالله عن أخبار التوقّف ، فراجع فلا تغفل ، وبالله التوفيق ومنه الاستعانة.
١٢٣٩. إن قلت : كيف تدّعي لزوم إخراج أكثر الأفراد ، وغاية ما يشمله النبويّ هي الشبهة التحريميّة الحكميّة والموضوعيّة منها خاصّة ، لوضوح عدم شموله