الحلال والحرام ، لا في مقام التحذير عن ارتكاب المجموع ، مع أنّه ينافي استشهاد الإمام عليهالسلام ، ومن المعلوم أنّ ارتكاب جنس الشبهة لا يوجب الوقوع في الحرام ولا الهلاك من حيث لا يعلم إلّا على مجاز المشارفة ؛ كما يدلّ عليه بعض ما مضى وما يأتي من الأخبار ، فالاستدلال موقوف على إثبات كبرى ، وهي : أنّ الإشراف على الوقوع في الحرام والهلاك من حيث لا يعلم محرّم ، من دون سبق علم به أصلا.
الثالث : الأخبار الكثيرة المساوقة لهذا الخبر الشريف الظاهرة في الاستحباب بقرائن مذكورة فيها : منها : قول النبيّ صلىاللهعليهوآله في رواية النعمان ، وقد تقدّم في أخبار التوقّف. ومنها : قول أمير المؤمنين عليهالسلام في مرسلة الصدوق أنّه خطب وقال : «حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك ، فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك ، والمعاصي حمى الله ، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها». ومنها : رواية أبي جعفر الباقر عليهالسلام : «قال : قال جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله في حديث يأمر بترك الشبهات بين الحلال والحرام : من رعى غنمه قرب الحمى نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى ، ألا : وإنّ لكلّ ملك حمى ، وإنّ حمى الله محارمه ، فاتّقوا حمى الله ومحارمه» (٣٣). ومنها : ما ورد من : «أنّ في حلال الدنيا حسابا وفي حرامها عقابا وفي الشّبهات عتابا». ومنها : رواية فضيل بن عياض : «قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : من الورع من النّاس؟ قال : الذي يتورّع عن محارم الله ويجتنب هؤلاء ، فإذا لم يتّق الشّبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه» (٣٤).
______________________________________________________
الأبعد عن الريب ، إذ لو قصّر في ذلك احتمل أن يكون قد أخذ بغير ما هو الحجّة له ، فيكون الحكم به حكما بغير الطرق المقرّرة له من الشارع. وهذا من قبيل الاستدلال بالمساواة لا بالأولويّة كما زعمه المحقّق القمّي رحمهالله ، لأنّ استحباب التوقّف في المشتبه بالحلال والحرام مع عدم رجحان أحد الطرفين لا يثبت وجوبه بالأولويّة في المرجوح ، وهو الشاذّ النادر. نعم ، لو ثبت وجوبه في الأوّل ثبت ذلك في الثاني أيضا بطريق أولى ، والفرض خلافه.