.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ علّل ذلك بتثليث الامور ، وأنّها لا تخلو : إمّا أن يكون بيّن الرشد فيجب اتّباعه ، وإمّا أن يكون بيّن الغيّ فيجتنب عنه ، وإمّا أن يكون أمرا مشكلا لا يعلم رشده ولا غيّه ، فيردّ علمه إلى الله ورسوله صلىاللهعليهوآله. والأخذ بالمشهور من قبيل الأوّل ، لما عرفت من أنّ رفضه والأخذ بالشاذّ النادر ترجيح للمرجوح على الراجح ، وهو داخل في بيّن الغيّ. والشاذّ وإن كان من الامور المشكلة التي يجب ردّ علمه إلى الله ورسوله صلىاللهعليهوآله من حيث شذوذه واعتباره في نفسه ، واحتمال كون الحكم الواقعي ما تضمّنه خاصّة ، إلّا أنّ الأخذ بالمشهور مستلزم لرفضه ، فالأخذ بالمشهور انّما هو لأجل كونه من البيّن الرشد ولو بالإضافة إلى الشاذّ النادر ، وترك الشاذّ النادر ليس من جهة كونه من البيّن الغيّ الذي أمر الإمام عليهالسلام بتركه ، بل من جهة كون الأخذ بالمشهور مستلزما لذلك بعد فرض تعارضهما وعدم إمكان الجمع بينهما.
ومن هنا يندفع ما قدّمناه عن صاحب الفصول عند شرح قوله : «وجه الدلالة أنّ الإمام عليهالسلام ...» واستجودناه أيضا من دخول الشاذّ النادر في بيّن الغيّ بقرينة مقابلته للمشهور.
ثمّ استشهد عليهالسلام بالنّبوي لوجوب ردّ علم الأمر المشكل إلى الله ورسوله صلىاللهعليهوآله. ولمّا أشكل ذلك في الظاهر ـ من حيث عدم وجوب الاحتياط في المشتبه بين الحلال والحرام ، لأنّ غايته الاستحباب بالتقريب الذي قدّمناه ، فلا يصحّ الاستشهاد نظرا إلى وجوب الأخذ بالمشهور وترك الشاذّ ـ تصدّى المصنّف رفع الله في العليّين رتبته لرفع هذا الإشكال بالتوفيق بينهما ، بأنّه إذا استحبّ التوقّف والاحتياط في المشتبه بين الحلال والحرام كما قدّمناه ، أو كان ذلك راجحا مطلقا على ما قرّره المصنّف رحمهالله من حمل الأمر على الإرشاد من دون اشتمال أحد طرفي الشبهة على مرجّح معتبر ، تفصّيا عن الوقوع في مفسدة الحرام الواقعي ، كان طرح الشاذّ واجبا ، لوجوب التحرّي عند تعارض الخبرين لتحصيل الأقرب إلى الواقع و