فإن قلت : بعد مراجعة الأدلّة نعلم تفصيلا بحرمة امور كثيرة ولا نعلم إجمالا بوجود ما عداها ، فالاشتغال بما عدا المعلوم بالتفصيل غير متيقّن حتّى يجب الاحتياط. وبعبارة اخرى : العلم الإجمالي قبل الرجوع إلى الأدلّة ، وأمّا بعده فليس هنا علم إجمالي.
قلت : إن اريد من الأدلّة (١٢٤٢) ما يوجب العلم بالحكم الواقعي الأوّلي ، فكلّ مراجع في الفقه يعلم أنّ ذلك غير ميسّر ، لأنّ سند الأخبار لو فرض قطعيّا لكن دلالتها ظنّية. وإن اريد منها ما يعمّ الدليل الظنّي المعتبر من الشارع فمراجعتها لا توجب اليقين بالبراءة من ذلك التكليف المعلوم إجمالا ؛ إذ ليس معنى اعتبار الدليل
______________________________________________________
ثبوت شيء من هذه المقدّمات بالعقل ، فكيف سمّي الدليل المركّب منها عقليّا؟
ويمكن دفعه بأنّ مقصوده من الاتّفاق ليس إثبات المقدّمة الثالثة بالإجماع المصطلح ، بل بحكم العقل المتّفق عليه بين المجتهدين والأخباريّين. نعم ، كان الأولى في المقدّمة الثانية أيضا التمسّك بالعقل ، لأنّ مقتضى الآية لا يزيد على ما يستقلّ به العقل من وجوب إطاعة المولى ، ليكون تمام الكبرى ثابتا بالعقل. وحاصل هذا الدليل : كون المقام من قبيل شبهة الكثير في الكثير التي هي في حكم الشبهة المحصورة.
١٢٤٢. حاصل الجواب : أنّ رجوع العلم الإجمالي الحاصل قبل المراجعة إلى الأدلّة إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي بعد الرجوع إليها إنّما يتمّ بوجهين : أحدهما : أن تكون الأدلّة مفيدة للقطع بالواقع. الثاني : أن يكون التكليف في الواقع متعلّقا بما أدّى إليه الطرق الظاهريّة ، لأنّ مقتضى ذلك عدم التكليف في الواقع في الموارد الخالية من الطرق الظاهريّة.
والأوّل باطل بالوجدان باعتراف من الأخباريّين أيضا ، لأنّهم وإن زعموا قطعيّة الأخبار سندا إلّا أنّهم اعترفوا بظنّيتها دلالة. وما حكي عن الأمين الأسترآبادي من قطعيّتها مطلقا كما ترى.