الظنّي إلّا وجوب الأخذ بمضمونه ، فإن كان تحريما صار ذلك كأنّه أحد المحرّمات الواقعيّة ، وإن كان تحليلا كان اللازم منه عدم العقاب على فعله وإن كان في الواقع من المحرّمات ، وهذا المعنى لا يوجب انحصار المحرّمات الواقعيّة في مضامين تلك الأدلّة حتّى يحصل العلم بالبراءة بموافقتها ، بل ولا يحصل الظنّ بالبراءة عن جميع المحرّمات المعلومة إجمالا. وليس الظنّ التفصيلي بحرمة جملة من الأفعال كالعلم التفصيلي بها ؛ لأنّ العلم التفصيلي بنفسه مناف لذلك العلم الإجمالي ، والظنّ غير مناف له لا بنفسه ولا بملاحظة اعتباره شرعا على الوجه المذكور.
نعم ، لو اعتبر الشارع هذه الأدلّة بحيث انقلب التكليف إلى العمل بمؤدّاها بحيث يكون هو المكلّف به ، كان ما عدا ما تضمّنه الأدلّة من محتملات التحريم خارجا عن المكلّف به ، فلا يجب الاحتياط فيها.
وبالجملة فما نحن فيه بمنزلة قطيع غنم يعلم إجمالا بوجود محرّمات فيها ، ثمّ قامت البيّنة على تحريم جملة منها وتحليل جملة وبقي الشكّ في جملة ثالثة ؛ فإنّ مجرّد قيام البيّنة على تحريم البعض لا يوجب العلم ولا الظنّ بالبراءة من جميع المحرّمات.
نعم ، لو اعتبر الشارع البيّنة في المقام ، بمعنى أنّه أمر بتشخيص المحرّمات المعلومة وجودا وعدما بهذا الطريق ، رجع التكليف إلى وجوب اجتناب ما قامت عليه البيّنة ، لا الحرام الواقعي.
______________________________________________________
والثاني مستلزم إمّا للتصويب ، نظرا إلى دوران المطلوبيّة الواقعيّة والفعليّة مدار ظنّ المجتهد ، أو ما يشبهه ، بناء على كون التصويب عبارة عن كون الحكم الواقعي من رأس تابعا لظنّ المجتهد ، والفرض في المقام تحقّق وجود واقعيّ للأحكام الواقعيّة في الجملة ، إلّا أنّ توقّف المطلوبيّة على ظنّ المجتهد جعل ذلك شبيها بالتصويب ، لعدم توقّف المطلوبيّة الواقعيّة عليه على القول بالتخطئة وإن توقّف تنجّزها عليه. وبعبارة اخرى : أنّ لازمه القول بأنّ الشارع قد جعل في الواقع حكما ناشئا من ملاحظة مصلحة أو مفسدة ، إلّا أنّ محبوبيّة هذا الحكم ومطلوبيّته له في الواقع والظاهر كانت مشروطة بظنّ المجتهد ، لا أن يكون ظنّه سببا لجعله في