والجواب أوّلا منع تعلّق (١٢٤٣) تكليف غير القادر على تحصيل العلم إلّا بما أدّى إليه الطرق الغير العلميّة المنصوبة له ، فهو مكلّف بالواقع بحسب تأدية هذه الطرق ، لا بالواقع من حيث هو ، ولا بمؤدّى هذه الطرق من حيث هو حتّى يلزم التصويب أو ما يشبهه ؛ لأنّ ما ذكرناه هو المتحصّل من ثبوت الأحكام الواقعيّة للعالم وغيره وثبوت التكليف بالعمل بالطرق ، وتوضيحه في محلّه ، وحينئذ فلا يكون ما شكّ في تحريمه ممّا هو مكلّف به فعلا على تقدير حرمته واقعا.
______________________________________________________
الواقع كما ظنّه أهل التصويب.
وبعد بطلان الوجهين يظهر أنّ معنى اعتبار الأدلّة تنزيل مؤدّياتها بمنزلة الواقع بحكم الشارع ، بمعنى المعذوريّة في العمل بها على تقدير تخلّفها عنه ، لا حصر الواقع في مؤدّياتها حتّى يدّعى انحلال العلم الإجمالي بعد مراجعة الأدلّة بحكم الشارع إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي.
ولكنّك خبير بأنّه إن تمّ هذا الدليل العقلي لدلّ على وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبيّة أيضا ، وهو خلاف ما اتّفق عليه المجتهدون والاصوليّون. ودعوى أنّها خارجة من مقتضى الدليل بالإجماع ، لجواز اقتناع الشارع بالموافقة الاحتماليّة عن الواقع ، فلا يرد عدم جواز تخصيص الدليل العقلي ، مدفوعة بمنع الإجماع أوّلا ، ومنع حجّيته عند الأخباريّين ثانيا.
١٢٤٣. حاصله : أنّ مقتضى تعلّق التكليف بالواقع ـ كما هو مقتضى الخطابات ونصب الطرق الظاهريّة إليه ـ هو عدم تعلّق تكليف غير القادر على العلم إلّا بما أدّت إليه الطرق الظاهريّة ، بمعنى عدم تنجّز التكليف بالواقع إلّا على حسب تأدية الطرق الظاهريّة ، لا بالواقع مطلقا ، لمنافاته لنصب الطرق الظاهريّة ، ولا بمؤدّى الطرق كذلك بحيث ينقلب التكليف إليه ، لاستلزامه التصويب أو ما يشبهه كما عرفته في الحاشية السابقة ، ولا ريب أنّه مع اشتراط تنجّز الأحكام الواقعيّة بتأدية الطرق الظاهريّة إليها في حقّ غير القادر على تحصيل العلم بالواقع ،