ومن هنا يعلم (١٢٥٠) : أنّ تغاير القسمين الأوّلين من الاستصحاب باعتبار كيفيّة الاستدلال ؛ حيث إنّ مناط الاستدلال في هذا القسم الملازمة بين عدم الدليل وعدم الحكم مع قطع النظر عن ملاحظة الحالة السابقة ، فجعله من أقسام الاستصحاب مبنيّ على إرادة مطلق الحكم على طبق الحالة السابقة عند الشكّ ولو لدليل آخر غير الاتّكال على الحالة السابقة ، فيجري فيما لم يعلم فيه الحالة السابقة ، ومناط الاستدلال في القسم الأوّل ملاحظة الحالة السابقة حتّى مع عدم العلم بعدم الدليل على الحكم.
______________________________________________________
من عدم وجدان الدليل دليلا عليها مطلقا؟
وأمّا عدم دخله في مسألة التكليف بما لا يطاق ، فلأنّ عدم الاعتداد بالظنّ الحاصل بعدم التكليف الواقعي مع ثبوته فيه لا يستلزم التكليف بما لا يطاق ، لأنّ ما يستلزمه هو ثبوت التكليف الفعلي في الواقع مع عدم الدليل عليه ، لا ثبوت التكليف الواقعي مطلقا كذلك ، كما هو واضح.
وأمّا عدم دخله في كلام المحقّق فلما حقّقه المصنّف رحمهالله بقوله : «المراد بالدليل المصحّح ...». ومنه يظهر عدم تماميّة ما ذكره المحدّث المذكور في نفسه ، لما حقّقه من عدم الفرق فيما هو مناط التكليف والمصحّح له بين ما يعمّ به البلوى وغيره.
مع أنّ دعوى إفادة عدم الوجدان للقطع العادي بعدم الوجود فيما يعمّ به البلوى واضحة الفساد ، لأنّ غايته الظنّ دون القطع ، سيّما مع ملاحظة انطماس كثير من الأخبار ، لوضوح عدم الفرق في دواعي الاختفاء بين ما يعمّ به البلوى وغيره. مضافا إلى منع حصول العلم ببيان الأئمّة عليهمالسلام جميع ما يحتاج إليه الأمّة من الأحكام ، وإن كان النبيّ صلىاللهعليهوآله قد بيّن لهم ذلك ، لأنّ الظاهر بقاء بعض ذلك مخزونا عندهم عليهمالسلام.
١٢٥٠. يعني : ممّا ذكره من كون مبنى اعتبار كون عدم الدليل دليل العدم على الظنّ بالعدم الناشئ من عموم البلوى ، ومبنى البراءة على الظنّ الاستصحابي