ويشهد لما ذكرنا من المغايرة الاعتباريّة أنّ الشيخ لم يقل بوجوب مضيّ المتيمّم الواجد للماء في أثناء صلاته لأجل الاستصحاب ، وقال به لأجل أنّ عدم الدليل دليل العدم.
نعم ، هذا القسم الثاني أعمّ موردا من الأوّل ؛ لجريانه في الأحكام العقليّة وغيرها ، كما ذكره جماعة من الاصوليّين. والحاصل : أنّه لا ينبغي الشكّ في أنّ بناء المحقّق قدسسره على التمسّك بالبراءة الأصليّة مع الشكّ في الحرمة ، كما يظهر من تتبّع فتاويه في المعتبر.
______________________________________________________
عند بعضهم.
وحاصل ما ذكره : أنّ ما يستفاد من كلام المعتبر أنّ هنا اصولا ، أحدها : أصالة البراءة ، والآخر : كون عدم الدليل دليل العدم ، والثالث : استصحاب حال الشرع. وظاهره كون مبنى الأوّل على استصحاب البراءة ، ومبنى الثاني على الظنّ المستفاد من عدم الوجدان بعد الفحص عن مظانّه. وعليه ، فالفرق بينهما في مورد اجتماعهما يكون باعتبار كيفيّة الاستدلال ، لما عرفت من اختلاف مبناهما ، وابتناء الأوّل على ملاحظة الحالة السابقة ، بخلاف الثاني ، فيجري فيما لم تعلم فيه الحالة السابقة أيضا. وجعله من أقسام الاستصحاب مبنيّ على إرادة مطلق الحكم على طبق حالة السابقة من المقسم في أغلب موارده. وإنّما قلنا ذلك لما عرفت من جريان قاعدة عدم الدليل فيما لم تعلم الحالة السابقة فيه أيضا. وممّا يشهد بمغايرتهما الاعتباريّة أنّ الشيخ لم يقل بوجوب المضيّ في الصلاة للمتيمّم الواجد للماء في أثنائها من جهة الاستصحاب ، وقال به من جهة كون عدم الدليل دليل العدم.
ومن هنا يتّضح أنّ ما توهّمه المحقّق القمّي رحمهالله من كون استصحاب البراءة قسما من قاعدة كون عدم الدليل دليل العدم ، نظرا إلى عموم مورد الأخيرة ، ضعيف جدّا ، لما عرفت من اختلاف مبناهما وكيفيّة الاستدلال بهما. ومجرّد كون