الثاني : مقتضى الأدلّة المتقدّمة (١٢٥١) كون الحكم الظاهري في الفعل المشتبه الحكم هي الإباحة من غير ملاحظة الظنّ بعدم تحريمه في الواقع ، فهذا الأصل يفيد القطع بعدم اشتغال الذمّة ، لا الظنّ بعدم الحكم واقعا ، ولو أفاده لم يكن معتبرا ، إلّا أنّ الذي يظهر من جماعة كونه من الأدلّة الظنيّة ، منهم صاحب المعالم عند دفع الاعتراض عن بعض مقدّمات الدليل الرابع الذي ذكره لحجيّة خبر الواحد ، ومنهم شيخنا البهائي رحمهالله ، ولعلّ هذا هو المشهور بين الاصوليّين ؛ حيث لا يتمسّكون فيه إلّا باستصحاب البراءة السابقة ، بل ظاهر المحقّق رحمهالله في المعارج الإطباق على التمسّك
______________________________________________________
النسبة بينهما بحسب المورد عموما مطلقا لا يوجب كون النسبة بينهما كذلك مفهوما أيضا.
وممّا ذكرناه قد ظهر أيضا أنّه لا مساس لكلام المعتبر أيضا بالتفصيل المعزى إلى المحقّق ، لأنّه إنّما فصّل بين ما يعمّ به البلوى وغيره في مورد قاعدة أنّ عدم الدليل دليل العدم ، لا في مورد استصحاب حال العقل المعبّر عنه بأصالة البراءة ، وقد عرفت تغايرهما واختلافهما بحسب المفهوم.
١٢٥١. توضيح المقام : أنّ مقتضى الأدلّة المتقدّمة هو إثبات الإباحة الظاهريّة لموضوع مشتبه الحكم ، بل نقول : إنّ مقتضاها إثبات الإباحة الظاهريّة ، بمعنى مجرّد نفي العقاب على مخالفة الواقع إن اتّفقت ، لا الإباحة التي هي أحد الأحكام الخمسة ، كما يوهمه ظاهر عبارة المصنّف رحمهالله ، لأنّ ما ذكرناه هو المحصّل من الأدلّة ، لا جعل حكم ظاهري للموضوع المشتبه فضلا عن نفي الحكم الواقعي المحتمل ، لأنّ ما ذكرناه هو المحصّل منها. ولا فرق فيه بين هذه المسألة وغيرها من موارد جريان أصالة البراءة.
ولعلّ هذا أيضا مراد العلماء ، وإن نسب خلافه إلى ظاهرهم ، لأنّ ما يوهم خلاف ذلك أمران : أحدهما : ما ذكره المصنّف رحمهالله من كون ظاهرهم اعتبار البراءة من باب الظنّ. والآخر : ما نسبه المحقّق القمّي رحمهالله إلى المحقّق من التفصيل بين ما يعمّ