الخامس : أنّ أصالة الإباحة في مشتبه الحكم (١٢٦٤) إنّما هو مع عدم أصل موضوعي حاكم عليها ، فلو شكّ في حلّ أكل حيوان مع العلم بقبوله التذكية جرى
______________________________________________________
أيضا : إنّ الإتيان بمحتمل الحرمة إنّما يكون مرجوحا إذا كان الإتيان به بقصد التوصّل به إلى الحرام الواقعي لا مطلقا. ومن هنا قد صرّح المصنّف في مسألة الشبهة المحصورة بكون الإتيان بأطراف الشبهة بقصد التوصّل بها إلى الحرام الواقعي خارجا من محلّ النزاع ، وحراما حتّى عند من لم يوجب الاحتياط فيها.
١٢٦٤. توضيح المقام على وجه تنكشف عنه غواشي الأوهام : أنّ جريان أصل البراءة التي تنشعب منها أصالة الإباحة في مشتبه الحكم أو الموضوع ـ سواء كانت الشبهة على التقديرين تحريميّة أم وجوبيّة ـ مشروط بعدم وجود أصل موضوعي في مورده حاكم عليه ، كما في الفروج والأموال واللحوم ونحوها ، لكون حلّية الفروج مشروطة بالسبب المحلّل لها ، وحلّية الأموال بالملكيّة أو إذن المالك ، واللحوم بقابليّة المحلّ للتذكية ، فإذا شكّ في تحقّق شيء من هذه الشروط في مورد فالأصل يقتضي عدمه.
فنقول : إذا وجد حيوان وعلمت قابليّته للتذكية فأصالة الإباحة تقتضي حلّيته. وإذا شكّ في قابليّته لها فأصالة الإباحة لا تقتضي كونه قابلا لذلك ، لفرض كون حلّية لحمه بمقتضى قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) مشروطة بقابليّته للتذكية ، فلا بدّ في الحكم بها من إحراز شرطها ، والأصل يقتضي عدمه ، فيحكم بحرمته حينئذ لا محالة.
نعم ، هذا إنّما هو فيما لم يكن هنا أصل لفظي يقتضي الحلّية ، مثل قوله عليهالسلام : «الحرام ما حرّم الله في كتابه» أو كان وكان مجملا ، وإلّا فمقتضى الأصل الثانوي كون كلّ حيوان قابلا للتذكية ، بل لا بدّ أن يفرض الكلام أيضا على تقدير عدم كون التذكية أمرا عرفيّا ، كما حكي عن القاضي ، حيث ادّعى كفاية الذبح العرفي في الحلّية ، مدّعيا عدم ثبوت حقيقة شرعيّة في لفظها ، كما ادّعى عدم ثبوتها في