كما اختاره القائلون بالبراءة. وأمّا ما يترتّب على نفس الاحتياط فليس إلّا التخلّص عن الهلاك المحتمل في الفعل.
نعم ، فاعله يستحقّ المدح من حيث تركه لما يحتمل أن يكون تركه مطلوبا عند المولى ، ففيه نوع من الانقياد ويستحقّ عليه المدح والثواب. وأمّا تركه فليس فيه إلّا التجرّي بارتكاب ما يحتمل أن يكون مبغوضا للمولى ، ولا دليل على حرمة التجرّي على هذا الوجه واستحقاق العقاب عليه ، بل عرفت في مسألة حجّية العلم : المناقشة في حرمة التجرّي بما هو أعظم من ذلك ، كأن يكون الشيء مقطوع الحرمة بالجهل المركّب ، ولا يلزم من تسليم استحقاق (١٢٦٣) الثواب على الانقياد بفعل الاحتياط استحقاق العقاب بترك الاحتياط والتجرّي بالإقدام على ما يحتمل كونه مبغوضا. وسيأتي تتمّة توضيح ذلك في الشبهة المحصورة إن شاء الله تعالى.
______________________________________________________
١٢٦٣. ربّما يمنع عدم الملازمة ، نظرا إلى أنّ استحقاق الثواب إن كان لأجل كون الترك لاحتمال الحرمة عنوانا حسنا ، فلا بدّ أن يكون الفعل مع احتمال الحرمة عنوانا قبيحا ، فاحتمالها إن كان محسّنا للترك فلا بدّ أن يكون مقبّحا للفعل أيضا. وكما أنّ المصنّف رحمهالله يقول بكون الذمّ في التجرّي على الصفة في الفاعل لا على الفعل ، فكذا لا بدّ أن يقول بكون المدح في المقام أيضا كذلك. لأنّ الإقدام على المخالفة كما يكشف عن خبث السريرة ، كذلك الإقدام على الطاعة يكشف عن حسنها.
ويدفعه : أنّ استحقاق الثواب على الترك إنّما يلازم استحقاق العقاب على الفعل على تقدير كون حسن الترك على حدّ الإلزام ، وهو خلاف الفرض. مع إمكان أن يقال : إنّ الترك مقدّمة علميّة للاحتراز عن الحرام الواقعي ، ولا ريب في حسن الاحتراز عنه ، فتحسن مقدّمته أيضا ، بخلاف الفعل ، لأنّ غايته أن يكون مقدّمة علميّة لفعل الحرام الواقعي ، ومقدّمات الحرام إنّما تتّصف بالحرمة إذا كان الإتيان بها بقصد التوصّل بها إليه ، كما قرّر في مبحث المقدّمة. ونقول فيما نحن فيه