المجرّد عن القرينة إذا قلنا باشتراكه لفظا بين الحرمة والكراهة ، وإمّا بأن يكون الدالّ على متعلّق الحكم كذلك ، سواء كان الإجمال في وضعه كالغناء إذا قلنا بإجماله ، فيكون المشكوك في كونه غناء محتمل الحرمة أم كان الإجمال في المراد منه ، كما إذا شكّ في شمول الخمر للخمر الغير المسكر ولم يكن هناك إطلاق يؤخذ به. والحكم في ذلك كلّه كما في المسألة الاولى ، والأدلّة المذكورة من الطرفين جارية هنا.
وربّما يتوهّم أنّ الإجمال إذا كان في متعلّق الحكم ـ كالغناء وشرب الخمر الغير المسكر ـ كان ذلك داخلا في الشبهة في طريق الحكم ، وهو فاسد.
المسألة الثالثة : أن يدور حكم الفعل بين الحرمة وغير الوجوب من جهة تعارض النصّين وعدم ثبوت ما يكون مرجّحا لأحدهما والأقوى فيه أيضا عدم وجوب الاحتياط ؛ لعدم الدليل عليه عدا ما تقدّم من الوجوه المذكورة التي عرفت حالها وبعض ما ورد في خصوص تعارض النصّين مثل ما في عوالي اللآلي من مرفوعة
______________________________________________________
الحكم التكليفي ، واخرى من جهة الإجمال في متعلّقاته. وعلى الثاني : تارة يكون الإجمال ناشئا من الجهل بالوضع ، واخرى من الشكّ في شمول إطلاق اللفظ لبعض أفراده الخفيّة بعد العلم بالوضع ، كالشكّ في دخول قطرة من الخمر في المراد بقولنا : الخمر حرام. وهذه الأقسام كلّها من قبيل الشبهة الحكميّة ، فهي داخلة في محلّ النزاع ، لأنّ المراد بها ما كانت الشبهة فيه ناشئة من فقدان النصّ أو إجماله أو تعارضه ، ولا ريب في تحقّق الإجمال في جميع الأقسام المذكورة. فما توهّمه بعضهم من خروج ما كانت الشبهة فيه ناشئة من الإجمال في متعلّق التكليف بقسميه من محلّ النزاع ، بزعم كون ذلك من قبيل الشبهة الموضوعيّة التي اتّفق الاصوليّون والأخباريّون على البراءة فيها ، ضعيف جدّا ، لأنّ المراد بالشبهة الموضوعيّة ما كانت الشبهة فيه في مصاديق مفاهيم ألفاظ الخطاب بعد العلم بوضعها والمراد منها ، ومنشأ الشبهة فيها اختلاط الامور الخارجة ، ومزيلها الأمارات المعتبرة في تشخيص الموضوعات الخارجة دون الأدلّة. وقد أوضحنا جميع ذلك في مقصد حجّية القطع ، فراجع ولا تغفل.