فإنّ الحديث الثاني وإن كان أخصّ من الأوّل وكان اللازم تخصيص الأوّل به والحكم بعدم وجوب التكبير ، إلّا أنّ جوابه صلوات الله وسلامه عليه بالأخذ بأحد الحديثين من باب التسليم يدلّ على أنّ الحديث الأوّل نقله الإمام عليهالسلام بالمعنى وأراد شموله (١٣٧٢) لحالة الانتقال من القعود إلى القيام بحيث لا يمكن (*) إرادة ما عدا هذا الفرد منه ، فأجاب عليهالسلام بالتخيير. ثمّ إنّ وظيفة الإمام عليهالسلام وإن كانت إزالة الشبهة عن الحكم الواقعي ، إلّا أنّ هذا الجواب لعلّه تعليم طريق العمل عند التعارض مع عدم وجوب التكبير عنده في الواقع ، وليس فيه الإغراء بالجهل من حيث قصد الوجوب فيما ليس بواجب من جهة (**) كفاية قصد القربة (١٣٧٣) في العمل.
وكيف كان : فإذا ثبت التخيير بين دليلي وجوب الشيء على وجه الجزئيّة وعدمه ، ثبت فيما نحن فيه ـ من تعارض الخبرين في ثبوت التكليف المستقلّ ـ بالإجماع والأولوية القطعيّة (١٣٧٤).
ثمّ إنّ جماعة من الاصوليّين ذكروا في باب التراجيح الخلاف في ترجيح الناقل أو المقرّر ، وحكي عن الأكثر ترجيح الناقل. وذكروا تعارض الخبر المفيد للوجوب و
______________________________________________________
فتشمله الرواية الثانية.
١٣٧٢. بأن كان نصّا في هذا الفرد ، مثل أن يقع التصريح فيه بجميع حالات الانتقال على وجه لا يقبل التقليد أو التخصيص.
١٣٧٣. لا يخفى أنّ الإغراء إنّما هو من جهة قصد الوجوب فيما ليس بواجب إذا أخذ بالرواية الاولى ، وهو لا يندفع بالقول بكفاية قصد القربة في العمل ، إذ اللازم في المقام هو قصد الخلاف ، وهو غير جائز على هذا القول أيضا.
١٣٧٤. لأنّه إذا ثبت التخيير وعدم وجوب الاحتياط في مورد الشكّ في المكلّف به ، ففي مورد الشكّ في التكليف أولى.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «لا يمكن» ، لا يتمكّن.
(**) في بعض النسخ : بدل «من جهة» ، لأجل.