بالوجوب ، وصور الاشتباه كثيرة. وهذا مبنيّ على اختصاص (١٠٩٩) التكليف بالإلزام أو اختصاص الخلاف في البراءة والاحتياط به ، ولو فرض شموله للمستحبّ والمكروه يظهر حالهما من الواجب والحرام ؛ فلا حاجة إلى تعميم العنوان.
ثمّ إنّ متعلّق التكليف المشكوك إمّا أن يكون فعلا كلّيا متعلّقا للحكم الشرعيّ الكلّي ، كشرب التتن المشكوك في حرمته والدعاء عند رؤية الهلال المشكوك في وجوبه ، وإمّا أن يكون فعلا جزئيّا متعلّقا للحكم الجزئي ، كشرب هذا المائع المحتمل كونه خمرا.
______________________________________________________
١٠٩٩. يعني : حصر موارد الاشتباه في الثلاثة. قال المحقّق القمّي رحمهالله : «وهذا الإطلاق ـ يعني : إطلاق أصالة البراءة بمعنى استصحابها ـ إنّما يناسب بالنسبة إلى ما شكّ في تحريمه أو وجوبه ، لأنّ اشتغال الذمّة لا يكون إلّا بالتكليف ، والتكليف منحصر فيهما» انتهى.
وقال بعض الأفاضل بعد نقله عنه : «ولعلّه ناظر إلى ما قيل من أنّ التكليف مأخوذ من الكلفة ، ومعناه الإلقاء في المشقّة ، ولا يصدق على غيرهما. وضعفه ظاهر ، لأنّ ذلك معنى التكليف لغة ، وأمّا في الاصطلاح فهو أعمّ من ذلك قطعا ، لأنّه يتناول الوجوب والحرمة بأنواعهما قولا واحدا ، ومن الواضح أنّه لا يكون كلفة فيهما. وكان المتداول في كلامهم استعمال أصل البراءة في نفي الوجوب وأصل الإباحة في نفي التحريم والكراهة ، والتعميم أولى بالمقام ، لصلوح اللفظ له بالمعنى الذي ذكرناه ، مع اشتراك الجميع في الأدلّة» انتهى.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره وإن كان متّجها بحسب استعمال أصالة البراءة في مواردها في كلمات العلماء ، إلّا أنّه لم يقم دليل على اعتبارها بهذا الإطلاق ، لأنّ غاية ما دلّ عليه الدليل العقلي المستدلّ به عليها والمنساق من الأدلّة اللفظيّة ـ كما سيجيء في محلّه ـ هو مجرّد نفي العقاب على مخالفة التكليف المحتمل مع عدم وصول البيان من الشارع ، لا نفي التكليف المحتمل في الواقع حتّى يقال : إنّه أعمّ من