فيقع الكلام فيه في موضعين : لأنّ الشكّ إمّا في نفس التكليف وهو النوع الخاصّ من الإلزام وإن علم جنسه ، كالتكليف المردّد بين الوجوب والتحريم. وإمّا في متعلق التكليف مع العلم بنفسه ، كما إذا علم وجوب شيء وشكّ بين تعلّقه بالظهر والجمعة ، أو علم وجوب فائتة وتردّدت بين الظهر والمغرب.
والموضع الأوّل يقع الكلام فيه في مطالب ؛ لأنّ التكليف المشكوك فيه إمّا تحريم مشتبه بغير الوجوب ، وإمّا وجوب مشتبه بغير التحريم ، وإمّا تحريم مشتبه
______________________________________________________
ثمّ إنّ صور الشكّ كثيرة ، لأنّه تارة يكون ثنائيّا ، واخرى ثلاثيّا ، وثالثة رباعيّا ، ورابعة خماسيّا ، لأنّه مع الشكّ في التكليف أو المكلّف به ربّما يدور الأمر بين حكمين من الأحكام الخمسة ، وتارة بين ثلاثة منها ، وهكذا. ولكنا اقتصرنا منها على بيان بعض الصور الثنائيّة كما ستعرفه ، تقليلا للأقسام ، مع كون الأحكام الباقية معلومة ممّا ذكره المصنّف رحمهالله من أحكامها.
ثمّ إنّه على جميع التقادير : إمّا أن يكون الأمر دائرا بين الوجوب وغير الحرمة ، أو الحرمة وغير الوجوب ، أو يدور الأمر بينهما. وبضرب الثلاثة في الستّة ترتقي الأقسام إلى ثمانية عشر قسما ، ستّة منها للشكّ في التكليف ، والباقي للشكّ في المكلّف به.
ثمّ إنّ هنا تقسيما آخر مختصّا بأقسام الشبهة الحكميّة ، وهي تسعة من الثمانيّة عشر ، وهو أنّ الشبهة في الحكم إمّا أن تكون لأجل فقدان النص في المسألة كشرب التتن ، أو لأجل تعارض النصّين مثل الظهر والجمعة ، أو لأجل إجماله كقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ) بناء على كون ألفاظ العبادات أسامي للصحيح. وبضرب هذه في التسعة المذكورة تحصل سبعة وعشرون قسما. وبضمّ أقسام الشبهة الموضوعيّة ـ وهي التسعة الباقية ـ ترتقي الأقسام إلى ستّة وثلاثين قسما. والمراد بفقدان النصّ أعمّ من عدم وجود دليل في المسألة أصلا ، ومن وجود أمارة غير معتبرة ، كالشهرة وقول الفقيه ونحوهما.