.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا ما دار الأمر فيه بين الأقلّ والأكثر ، فاعلم أنّهما إمّا ارتباطيّان أو غيره. والثاني خارج من هذا التقسيم المختصّ بما كان الشكّ فيه مشوبا بالعلم الإجمالي الذي مرجعه إلى الشكّ في المكلّف به ، لانحلال العلم الإجمالي فيه إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي ، فيدخل في قسم الشكّ في التكليف دون المكلّف به.
والمراد بالارتباطي عدم إجزاء الأقلّ ولو بقدره على تقدير كون المطلوب في الواقع هو الأكثر ، وبغير الارتباطي ما كان على عكسه. والأوّل مثل الشكّ في بعض أجزاء الصلاة وشرائطها ، والشكّ في حرمة تصوير أعضاء الحيوان مع العلم بحرمة تمام الصورة. والثاني مثل دوران الأمر في الفائتة بين الأربع والخمس ، وفي الدين بين درهم ودرهمين ، وفي ولوغ الكلب بين ثلاث غسلات وسبع ، وفي بعض صور منزوحات البئر بين ثلاثين وأربعين والأوّلان من قبيل الشبهة الموضوعيّة ، والأخيران من قبيل الحكميّة. والجميع من قبيل الشكّ في التكليف دون المكلّف به ، لكون وجوب الأقلّ معلوما تفصيلا ، ووجوب الأكثر مشكوكا من رأس ، ولذا أخرجنا هذا القسم من أقسام الشكّ في المكلّف به. ومثله الأقلّ والأكثر الارتباطيّان مع كون الشبهة تحريميّة ، مثل ما عرفت من مثال حرمة تصوير الصورة ، لكون حرمة الأكثر فيه معلومة ، وحرمة الأقلّ مشكوكة من رأس. ولا فرق فيه بين الأقسام الثلاثة الآتية للشبهة الحكميّة ، أعني : ما كانت الشبهة فيه ناشئة من فقدان النصّ أو إجماله أو تعارضه ، وبين الشبهة الموضوعيّة ، بخلاف ما لو كانت الشبهة فيه وجوبيّة ، لعدم وجود قدر متيقّن حينئذ كما لا يخفى.
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ الباقي من أقسام الشكّ في المكلّف به أربعة ، وهي الشبهة الحكميّة والموضوعيّة مع دوران الأمر فيهما بين المتباينين ، أو الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، مع كون الشبهة فيهما وجوبيّة ، وبضمّها إلى قسمي الشكّ في التكليف ترتقي الأقسام إلى ستّة.