ولا ينبغي الإشكال في إجراء أصالة عدم كلّ من الوجوب والحرمة ـ بمعنى نفي الآثار المتعلّقة بكلّ واحد منهما بالخصوص (١٣٩٦) ـ إذا لم يلزم مخالفة علم تفصيلي ، بل
______________________________________________________
الأمرين ، وبالعكس في صورة العكس. وقد أوضحنا ما يتعلّق بذلك فيما علّقنا على حجيّة القطع.
الرابع : أنّ المراد بالحرمة المحتملة في المقام هي الحرمة الذاتيّة دون التشريعيّة ، لعدم منافاة الثانية للإتيان بالفعل بداعي احتمال المطلوبيّة ، كما هو واضح.
١٣٩٦. احترز بقيد الخصوصيّة عمّا لو ترتّب أثر شرعيّ على القدر المشترك بين الوجوب والحرمة ، كما إذا نذر أن يعطي الفقراء درهما إن أتى بفعل متعلّق بحكم إلزامي من وجوب أو حرمة ، وكان غرضه من إدخال الحرمة في متعلّق نذره أن يكون ذلك زاجرا له عن ارتكاب المحرّمات ليصحّ النذر. فإذا أتى بفعل مردّد بين الوجوب والحرمة وجب الإعطاء ، للعلم بصدور أحد الأمرين عنه. ولا يصحّ إجراء أصالة عدم الوجوب خاصّة أو الحرمة كذلك أو هما معا ، لأنّ الأوّلين معارضان بالمثل ، والثاني مخالف للعلم الإجمالي بحسب العمل ، بخلاف ما لو ترتّب الأثر الشرعيّ على خصوص أحد الأمرين دون الآخر ، كما إذا نذر أن يعطي الفقراء درهما إن أتى هو أو غيره بواجب ، أو نذر أن يعطيهم درهما إن أتى بفعل حرام ليكون هذا زاجرا له عن ارتكاب المحرّمات ، فأتى بفعل مردّد بين الوجوب والحرمة ، إذ لا إشكال حينئذ في جريان أصالة عدم الوجوب على الأوّل ، وأصالة عدم الحرمة على الثاني من دون معارضة شيء أصلا.
نعم ، إن ترتّب أثر على خصوص كلّ منهما ، كما لو نذر أن يعطي درهما لمن أتى بواجب ويعزّر من أتى بفعل حرام ، فأتى شخص بفعل مردّد بين الوجوب والحرمة ، فحينئذ لا يجوز إجراء أصالة عدم الوجوب خاصّة ولا الحرمة كذلك ولا هما معا ، إذ الأوّلان ترجيح بلا مرجّح ، والثالث مستلزم للعلم التفصيلي بمخالفة العمل لما علم إجمالا من وجوب الإعطاء أو التعزير ، ولذا اشترط جريان الأصلين