أن يستقلّ بالتعيين ، فليس في المقام شكّ على كلّ تقدير ، وإنّما الشكّ في الأحكام التوقيفيّة التي لا يدركها العقل ، إلّا أن يقال (١٤٣١) : إنّ احتمال أن يرد من الشارع حكم توقيفيّ في ترجيح جانب الحرمة ـ ولو لاحتمال شمول أخبار التوقّف لما نحن فيه ـ كاف في الاحتياط والأخذ بالحرمة.
ثمّ لو قلنا بالتخيير ، فهل هو في ابتداء الأمر فلا يجوز له العدول عمّا اختار أو مستمرّ فله العدول مطلقا أو بشرط البناء على الاستمرار (١٤٣٢)؟ وجوه. يستدل
______________________________________________________
القول بالتوقّف عن تعيين الواقع والظاهر ـ فمع فرض عدم إمكان الاحتياط وعدم تعقّل التوقّف في مقام العمل ، فإن استقلّ العقل بأولويّة دفع المفسدة عن جلب المنفعة استقلّ بتقديم جانب الحرمة ، وإن لم يستقلّ بذلك ، نظرا إلى ما ذكره المصنّف رحمهالله من كون المقام من موارد تعارض المفسدتين ، استقلّ بالحكم بالتخيير لا محالة ، لعدم الواسطة بينهما ، وحينئذ لا يعقل التردّد في حكمه ليحكم في مقام الظاهر بالاحتياط.
١٤٣١. لكون احتمال التعيين حينئذ شرعيّا ، فتخرج المسألة من كونها عقليّة ، وإن كان الحاكم بالاحتياط حينئذ أيضا هو العقل. وأنت خبير بأنّ احتمال شمول أخبار التوقّف لما نحن فيه لا يزيد في المقام شيئا ، لأنّ هذه الأخبار في عرض حكم العقل ، فإن توافقا فهي تؤكّد حكمه ، وإن اختلفا فلا ريب أنّ مجرّد احتمال شمولها لما نحن فيه لا يمنع من حكم العقل بقبح العقاب على مجهول الحرمة والوجوب ، نظير عدم قدح احتمال تضمّن الكذب للمصلحة في مورد في حكم العقل بقبحه. وبالجملة ، إنّ العقل إن كان حاكما بوجوب الاحتياط فلا يحتاج إلى احتمال شمول أخبار التوقّف للمقام ، وإلّا فهو بمجرّده لا يوجب حكمه به كما عرفت. نعم ، لو دار الأمر بين التعيين والتخيير الشرعيّين ، فالعقل يستقلّ بوجوب الأخذ بمحتمل التعيين ، بتقريب ما تقدّم في تنبيهات الشبهة الوجوبيّة.
١٤٣٢. أي : على العدول.