للأوّل : بقاعدة الاحتياط ، واستصحاب الحكم المختار ، واستلزام العدول للمخالفة القطعيّة المانعة عن الرجوع إلى الإباحة من أوّل الأمر.
ويضعّف الأخير (١٤٣٣) بأنّ المخالفة القطعيّة في مثل ذلك لا دليل على حرمتها ، كما لو بدا للمجتهد في رأيه ، أو عدل المقلّد عن مجتهده لعذر من موت أو جنون
______________________________________________________
١٤٣٣. يمكن الفرق بين ما نحن فيه والمثالين ، بأن يقال ، إنّ المناط في حرمة المخالفة العمليّة هو قبح ذلك عقلا ، لكونها مخالفة ومعصية للمولى. وهذا المناط موجود فيما نحن فيه إذا فرض تخيّر المكلّف ابتداء في الأخذ بأحد الاحتمالين ، واستدامة في العدول عمّا أخذ به أوّلا ، من دون فرق في قبح المخالفة بينه والقول بإباحة الفعل أوّلا وبالذات ، سيّما إذا كان بانيا على العدول من أوّل الأمر.
وأمّا المثال الأوّل فهو أجنبيّ عمّا نحن فيه ، لأنّ المجتهد عند رأيه الأوّل ملتزم به ومعتقد بحرمة العمل بخلافه ، وعند رأيه الثاني معتقد ببطلان رأيه الأوّل ، ولذا يجب عليه تجديد معاملاته التي أوقعها على طبق رأيه الأوّل ، وإعادة عباداته كذلك في الوقت ، وقضائها في خارجه إن قلنا بكونه بالأمر الأوّل لا بأمر جديد. ولا دليل على قبح المخالفة بمثلها ، لكونها ناشئة من الخطأ في الاجتهاد.
وأمّا المثال الثاني ، فإن كان العدول عن عذر ، مع عدم القول بجوازه عن اختيار ، فالكلام فيه كسابقه. وإن كان عن اختيار فالأقوى فيه ـ وفاقا للفاضل في النهاية ، والشهيد في الذكرى ناسبا له إلى الأكثر ، والمحقّق الثاني في الجعفريّة ـ هو عدم الجواز كما قرّر في محلّه. مضافا إلى إمكان أن يقال : إنّ الاجتناب عن طرفي العلم الإجمالي إنّما يجب إذا كان كلّ من طرفيه محلّ ابتلاء للمكلّف ، وكلّ من الواقعتين فيما ذكر من المثال خارج من محلّ الابتلاء عند الابتلاء بالأخرى ، فتأمّل ، بخلاف ما نحن فيه ، لكون كلّ من الفعل والترك محلّ ابتلاء عند الابتلاء بالآخر. هذا كلّه مع اعتراف المصنّف رحمهالله في فروع العلم الإجمالي بالفرق بينه وبين ما نحن فيه ، فراجع.