.................................................................................................
______________________________________________________
عن وقت الحاجة ، مع عدم المانع منه ، بخلاف زماننا هذا وما ضاهاه ممّا انطمس فيه كثير من الأحكام ، ومنعت الوسائط من إبلاغها ، إذ لا ريب في عدم كون عدم الدليل حينئذ مورثا للظنّ بالعدم ، فضلا عن القطع به.
وثانيهما : استصحاب عدم الاستحباب. لا يقال : إنّه تعارضه أصالة عدم الإباحة ، لكونها أيضا من الخمسة التكليفيّة المسبوقة بالعدم. لأنّا نقول : ليس المقصود منه إثبات الإباحة ، ولا هو ملازم بالذات لإثباتها حتّى يعارض بالمثل ، بل المقصود مجرّد نفي الاستحباب ، مع قطع النظر عن كون الباقي بعده هي الإباحة أو غيرها. نعم ، لو ترتّب عليها أثر خاصّ ينفى أيضا بالأصل ، فتأمّل.
وأمّا الثاني فالكلام فيه كالأوّل. وأمّا الثالث فالكلام فيه يحذو حذو الكلام فيما دار الأمر فيه بين الحرمة والوجوب ، إلّا أنّه لا بدّ هنا من تبديل دفع المضرّة بدفع المنقصة.
وأما الرابع فالكلام فيه يظهر من التأمّل في الأوّلين. وأمّا الخامس والسادس فظاهر بعضهم الحكم بالاستحباب في الأوّل وبالكراهة في الثاني ، تمسّكا بأنّ احتمال الوجوب في الأوّل والحرمة في الثاني وإن كان مندفعا بأصالة البراءة ، إلّا أنّ الأخذ بمحتمل الوجوب وترك محتمل الحرمة حسن عند العقلاء ، فيثبت به استحباب الأوّل وكراهة الثاني ، وإن كان كلّ منهما خارجا من طرفي الشبهة.
والتحقيق هو نفي احتمال الوجوب والحرمة بالأصل ، والحكم بحسن الإتيان بالفعل في الأوّل بداعي احتمال محبوبيّته ، وتركه في الثاني بداعي احتمال مبغوضيّته ، ويثاب على ذلك ، لكونه شبه انقياد وإطاعة حكميّة. وأمّا الحكم بالاستحباب في الأوّل والكراهة في الثاني فلا دليل عليه. اللهمّ إلّا أن يلتزم بذلك في موارد حسن الاحتياط عقلا ، وقد تقدّم تحقيقه في بعض الحواشي السابقة. والله العالم بحقائق أحكامه.