وأمّا عدم المانع : فلأنّ العقل لا يمنع (١٤٥١) التكليف عموما أو خصوصا بالاجتناب عن عنوان الحرام المشتبه في أمرين أو امور ، والعقاب على مخالفة هذا التكليف. وأمّا الشرع فلم يرد (١٤٥٢) فيه ما يصلح للمنع عدا ما ورد من قولهم عليهمالسلام : «كلّ شىء حلال حتّى تعرف أنّه حرام بعينه» و «كلّ شىء فيه حلال وحرام
______________________________________________________
وكذا منع الانصراف مطلقا ، غاية الأمر أن يكون العلم شرطا لتنجّز التكليف ، وهو حاصل في المقام ، وقد تقدّم في المقصد الأوّل عدم الفرق في ذلك بين العلم التفصيلي والإجمالي. ولعلّ الغفلة عن ذلك أوجب دعوى الانصراف ، كيف ولو تمّ ما ذكر لم يحسن الاحتياط ، بل لم يبق له محلّ أصلا ، وهو كما ترى خلاف ما اتّفقت عليه كلمتهم ، سوى ما حكاه المصنّف رحمهالله في المقصد الأوّل عن السيّد أبي المكارم ابن زهرة. ومع التسليم فلم يظهر ذلك من القائل بكون الألفاظ موضوعة للمعاني المعلومة أو منصرفة إليها في خصوص ما نحن فيه ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله.
١٤٥١. لأنّ المانع عند العقل إمّا قبح التكليف ، أو العقاب بلا بيان ، أو قبح التكليف بخطاب مجمل ، أو بأمر مبهم ، وما عدا الأخير منتف في المقام ، لفرض تبيّن الخطاب ، وحصول الاشتباه في مصداق موضوعه المبيّن. وأمّا الأخير فهو غير مانع بعد إمكان الاحتياط ، وكون العلم الإجمالي كالتفصيلي ، وعدم كون وظيفة الشارع بيان المصاديق الخارجة.
١٤٥٢. حيث كان تأثير المقتضي موقوفا على إحراز عدم المانع ، أشار هنا بعد منع المنع عقلا إلى عدم المانع شرعا أيضا ، لأنّ ما يصلح للمنع شرعا إمّا عموم أدلّة البراءة ، أو خصوص ما هو الظاهر منها في الشبهات الموضوعيّة.
أمّا الأوّل فمثل قوله عليهالسلام : «الناس في سعة ما لا يعلمون». وقوله عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم». وحديث الرفع وغيره.
وفيه : أنّ هذه الأخبار ظاهرة الاختصاص بالشبهات الحكميّة ، ولعلّه لذا لم