لا يفيد إلّا جواز مخالفة الاحتياط بموافقة الطرف الراجح في المظنون دون الموهوم ، ومقتضى هذا لزوم الاحتياط في غير المظنونات.
السادس : لو كان المشتبهات ممّا يوجد تدريجا ، كما إذا كانت زوجة الرجل مضطربة في حيضها بأن تنسى وقتها وإن حفظت عددها ، فيعلم إجمالا أنّها حائض في الشهر ثلاثة أيام مثلا ، فهل يجب على الزوج الاجتناب عنها في تمام الشهر (١٥٤١) ويجب على الزوجة أيضا الإمساك عن دخول المسجد وقراءة العزيمة تمام الشهر أم لا؟
______________________________________________________
١٥٤١. الوجهان ينشآن من توجّه الخطاب التفصيلي بالاجتناب ، فمع اشتباه مصداق متعلّقه يجب الاجتناب عن كلا المشتبهين أو المشتبهات ليحصل اليقين بالبراءة عن التكليف المتيقّن. ومجرّد تدرّج المشتبهات الموجودة في الخارج لا يصلح فارقا بينها وبين الموجودة منها فعلا ، لوجود المناط ـ وهو حكم العقل ـ في كلا القسمين. ومن عدم العلم بالتكليف المنجّز عند كلّ واقعة ، فترجع الشبهة عند كلّ واحدة منها إلى الشبهة البدويّة ، لأنّ مجيء زمان التكليف لمّا كان شرطا في تنجّزه ، فعند الواقعة الاولى يحتمل أن يكون المكلّف به هي الواقعة الثانية ، فلا يحصل العلم بالتكليف المنجّز عندها ، وعند الثانية يحتمل أن يكون المكلّف به هي الأولى ، فلا يحصل العلم أيضا بالتكليف المنجّز ، بل المعلّق أيضا عندها.
وفيه : أنّ اشتراط تنجّز التكليف بمجيء زمانه إنّما هو لأجل عدم تحقّق الابتلاء قبله ، وإذا عدّت الواقعة الثانية مبتلى بها عرفا عند الواقعة الاولى ، ارتفع المانع من تنجّز التكليف بالواقع المشتبه على كلّ تقدير ، فحينئذ لا بدّ من الاحتياط لتحصيل اليقين بالبراءة عن التكليف المنجّز اليقيني. ومن هنا جعل المصنّف رحمهالله مدار تحقيق المقام على تحقّق الابتلاء بالواقعتين عرفا عند أولاهما.
نعم ، لو تغاير زمان التكليف وزمان الفعل المكلّف به ، بأن قال : حرّمت عليك اليوم الإتيان بفعل كذا في غد ، واشتبه زمان الفعل فلا إشكال حينئذ في وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين من دون تعليق على تحقّق الابتلاء وعدمه ،