هذا إن كان الجاهل ملتفتا شاكّا ، وإن كان غافلا أو معتقدا للجواز فهو خارج عن مسألة البراءة ؛ لعدم قدرته على الاحتياط. وعليه يحمل تعليل معذوريّة الجاهل بالتحريم بقوله عليهالسلام : «لأنّه لا يقدر ...» ، وإن كان تخصيص الجاهل بالحرمة بهذا التعليل يدلّ على قدرة الجاهل بالعدّة على الاحتياط ؛ فلا يجوز حمله على الغافل ، إلّا أنّه إشكال يرد على الرواية على كلّ تقدير ، ومحصّله لزوم التفكيك بين الجهالتين ، فتدبّر فيه وفي دفعه.
وقد يستدلّ على المطلب (٣٨) ـ أخذا من الشهيد في الذكرى ـ بقوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه». وتقريب الاستدلال كما في شرح الوافية ، أنّ معنى الحديث : أنّ كلّ فعل من جملة الأفعال التي
______________________________________________________
للآخر ، حكم واقعي أخبر عنه الإمام عليهالسلام ، وحينئذ يشكل بأنّه إذا أوقعا العقد بعد انقضاء العدّة وجاز ذلك من أحدهما دون الآخر ، لزم كون العقد الواحد صحيحا من جانب وباطلا من جانب الآخر ، ولا معنى له ، لعدم قابليّة الأحكام الواقعيّة للتجزئة ، وإن توهّمه جماعة على ما حكي عنهم ، فهو إمّا صحيح مطلقا أو باطل كذلك.
نعم ، يتمّ ذلك في الأحكام الظاهريّة ، لما تقرّر من جواز التفكيك فيها بين المتلازمين ، كما لو ادّعى أحد الزوجين الزوجيّة وأنكرها الآخر ، حيث يحكم بترتّب أحكام الزوجيّة من جانب المدّعي وبعدمه من طرف المنكر. وموارد الانفكاك كثيرة.
ويمكن دفع الإشكال ، إمّا بحمل الرواية على إرادة بيان التحريم الأبدي من الجانبين ، وأنّ السبب فيه إقدام المتعمّد على التزويج دون الجاهل ، كما أنّ السبب في صورة علمهما هو إقدامهما مع العلم بالعدّة. وإمّا بحملها على بيان الحكم الظاهري ، وإرادة حرمة رجوع العامد مع عمده ، وإباحة رجوع الجاهل ما دام جاهلا ، وقد عرفت جواز التفكيك في الأحكام الظاهريّة.