ثمّ إنّه ربّما نسب إلى المحقّق قدسسره رجوعه عمّا في المعارج إلى ما في المعتبر : من التفصيل بين ما يعمّ به البلوى وغيره وأنّه لا يقول بالبراءة في الثاني. وسيجيء الكلام في هذه النسبة بعد ذكر الأدلّة إن شاء الله.
وممّا ذكرنا يظهر : أنّ تخصيص بعض القول بالبراءة بمتأخّري الإماميّة مخالف للواقع ، وكانه ناش عمّا رأى من السيّد والشيخ من التمسّك بالاحتياط في كثير من الموارد ؛ ويؤيّده ما في المعارج (١١٨٠) : من نسبة القول برفع الاحتياط على الإطلاق إلى جماعة (٤٤).
الثاني : الإجماعات المنقولة (١١٨١) والشهرة المحقّقة فإنّها قد تفيد القطع بالاتّفاق. وممّن استظهر منه دعوى ذلك الصدوق رحمهالله في عبارته المتقدّمة عن اعتقاداته. وممّن ادّعى اتّفاق المحصلين عليه : الحلّي في أوّل السرائر حيث قال بعد ذكر الكتاب والسنّة والإجماع : إنّه إذا فقدت الثلاثة فالمعتمد في المسألة الشرعيّة عند المحقّقين الباحثين عن مأخذ الشريعة التمسّك بدليل العقل ، انتهى. ومراده بدليل العقل ـ كما يظهر من تتّبع كتابه ـ هو أصل البراءة. وممّن ادّعى إطباق
______________________________________________________
الشبهات الوجوبيّة إلّا من بعض المتأخّرين من الأخباريّين ـ ظاهر في الشمول للشبهات التحريميّة أيضا على ما هو محلّ الكلام في المقام.
١١٨٠. لا يخفى أنّ المحقّق ـ على ما عرفت منه في الحاشية السابقة ـ لم ينسب القول برفع الاحتياط على الإطلاق إلى جماعة ، وإنّما نسبه إلى مختاره ، إلّا أنّ الظاهر أنّ المصنّف رحمهالله إنّما استفاد ذلك من نسبة القول بوجوب الاحتياط مطلقا إلى جماعة والتفصيل إلى اخرى ، لأنّ ظاهر سياق هذا الكلام وجود قول بالبراءة من جماعة اخرى. وإنّما جعله مؤيّدا لعدم صراحة كلام المحقّق في وجود القول بالبراءة من القدماء.
١١٨١. يمكن أن تجعل هذه الإجماعات المحكيّة دليلا مستقلا في المسألة وإن لم تفد القطع بالواقع ، لشمول دليل الإجماع المنقول للاصول ، ولا ريب في حجّية المعتضد منه بالشهرة المحقّقة.