ومنهم : الصدوق ؛ فإنّه قال : اعتقادنا أنّ الأشياء على الإباحة حتّى يرد النهي. ويظهر من هذا موافقة والده ومشايخه ؛ لأنّه لا يعبّر بمثل هذه العبارة مع مخالفته لهم ، بل ربّما يقول : «الذي أعتقده وافتي به» ، واستظهر من عبارته هذه : أنّه من دين الاماميّة. وأمّا السيّدان فقد صرّحا باستقلال العقل بإباحة ما لا طريق إلى كونه مفسدة (٤١) ، وصرّحا أيضا في مسألة العمل بخبر الواحد : أنّه متى فرضنا عدم الدليل على حكم الواقعة رجعنا فيها إلى حكم العقل. وأمّا الشيخ قدسسره : فإنّه وإن ذهب وفاقا لشيخه المفيد قدسسره إلى أنّ الأصل في الأشياء من طريق العقل الوقف ، إلّا أنّه صرّح في العدة : بأنّ حكم الأشياء من طريق العقل وإن كان هو الوقف ، لكنّه لا يمتنع أن يدلّ دليل سمعي على أنّ الأشياء على الإباحة بعد أن كانت على الوقف ، بل عندنا الأمر كذلك وإليه نذهب (٤٢) ، انتهى. وأمّا من تأخّر عن الشيخ قدسسره ، كالحلّي (٤٣) والمحقّق والعلّامة والشهيدين وغيرهم : فحكمهم بالبراءة يعلم من مراجعة كتبهم.
وبالجملة : فلا نعرف قائلا معروفا بالاحتياط وإن كان ظاهر المعارج (١١٧٩) نسبته إلى جماعة.
______________________________________________________
الحكم. وحاصله : دعوى اعتراف الكلّ باستقلال العقل بالبراءة لو لم يرد عليها ولا على وجوب الاحتياط دليل من الكتاب والسنّة. وهذا وإن كان أولى من تقرير المصنّف رحمهالله ، إلّا أنّه إنّما يتمّ لو لا تمسّك الأخباريّين لوجوب الاحتياط بالعقل ، وليس كذلك ، كما يظهر ممّا قرّره المصنّف رحمهالله ، من أدلّتهم ، فتدبّر.
١١٧٩. إنّما جعله ظاهرا مع أنّ المحقّق في المعارج نسب القول بالاحتياط إلى جماعة بالصراحة قائلا : «العمل بالاحتياط غير لازم ، وصار آخرون إلى وجوبه ، وقال آخرون : مع اشتغال الذمّة يكون العمل بالاحتياط واجبا ، ومع عدمه لا يجب» ثمّ مثّل لذلك بولوغ الكلب في الإناء ، لاحتمال كون مراده من الاحتياط هو الاحتياط في الشبهات الوجوبيّة خاصّة ، بقرينة تمثيله بولوغ الكلب ، إلّا أنّ عموم عنوانه ـ سيّما مع ملاحظة عدم ظهور القول بوجوب الاحتياط في