وما في معناه فواضح ؛ لأنّ الشكّ في بقاء الحالة (٢٧١٣) السابقة على الفعل المشكوك أو ارتفاعها ناش عن الشكّ في سببيّة هذا الفعل وتأثيره ، فإذا حكم بتأثيره فلا حكم لذلك الشكّ ، خصوصا إذا جعلنا هذا الأصل من الظواهر المعتبرة ، فيكون نظير حكم الشارع بكون الخارج قبل الاستبراء بولا الحاكم على أصالة بقاء الطهارة.
وأمّا تقديمه على الاستصحابات الموضوعيّة المترتّب عليها الفساد ، كأصالة عدم البلوغ ، وعدم اختبار المبيع بالرؤية أو الكيل أو الوزن ـ فقد اضطربت فيه كلمات الأصحاب خصوصا العلّامة وبعض من تأخّر عنه.
والتحقيق : أنّه إن جعلنا هذا الأصل من الظواهر كما هو ظاهر كلمات جماعة بل الأكثر ، فلا إشكال في تقديمه على تلك الاستصحابات. وإن جعلناه من الاصول : فإن اريد بالصحّة في قولهم (٢٧١٤): " إنّ الأصل الصحّة" نفس ترتّب
______________________________________________________
لذا لم يتعرّض المصنّف رحمهالله أيضا للخلاف فيه ، وإن كان دعوى الاتّفاق لا يخلو من تأمّل ، لما حكاه المصنّف رحمهالله في التنبيه الثاني عن العلّامة من فرض التعارض بينها وبين أصالة البراءة فضلا عن الاستصحاب.
٢٧١٣. مضافا إلى أنّ قاعدة الحمل على الصحّة معارضة لأصالة الفساد ، لأنّ الشارع إنّما جعلها في مقابلها ، فلو لم تكن مقدّمة عليها لزم إلغائها. وإلى أنّ أدلّة الاستصحاب أعمّ من موارد هذه القاعدة ، فلا بدّ أن تكون مخصّصة بأدلّتها. ثمّ إنّه لا فرق في قضيّة حكومة القاعدة على الاستصحاب بين أن نقول باعتبار كلّ منهما من باب التعبّد أو الظنّ النوعي أو بالاختلاف ، إذ بعد إثبات موضوع الحكم ـ وهي صحّة المعاملة شرعا ـ من باب التعبّد أو الظنّ النوعي يزول الشكّ عن ترتّب حكمه عليه ، فلا يكون موردا للاستصحاب ، وهو واضح.
٢٧١٤. حاصله : أنّ المراد بالصحّة إن كان مجرّد ترتيب آثار الفعل الصحيح تكون أصالة الصحّة حينئذ في عرض الاستصحابات الحكميّة ، فيقدّم عليها الاستصحاب الموضوعي من باب الحكومة. وإن كان المراد بها صحّة الفعل أيضا ، بمعنى إثبات كون الواقع فعلا صحيحا بأصالة الصحّة ، وإن لم تثبت بها الامور الخارجة من حقيقة الفعل