بأنّ دلالة اللفظ على تمام معناه أصليّة وعلى جزئه تبعيّة ، وعلى تقدير الجمع يلزم إهمال دلالة تبعيّة ، وهو أولى ممّا يلزم على تقدير عدمه ، وهو إهمال دلالة أصلية. ولا يخفى أنّ العمل بهذه القضيّة على ظاهرها يوجب سدّ باب الترجيح والهرج في الفقه ، كما لا يخفى. ولا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه من الإجماع والنصّ.
أمّا عدم الدليل عليه (٢٧٨٣) ؛
______________________________________________________
٢٧٨٣. توضيح المقام أنّا قد أشرنا قبل الحاشية السابقة أنّ هنا ثلاثة مقامات يشملها إطلاق كلماتهم في بيان قاعدة أولويّة الجمع ، بعضها مقطوع بعدم كونه من موارد القاعدة ، وهو ما كان بين ظاهر الدليلين تباين كلّي بحيث يحتاج الجمع بينهما إلى شاهدين ، وبعض آخر مقطوع بكونه منها ، وهو ما كان بين الدليلين فيه عموم وخصوص مطلق وما في حكمه ، وبعبارة اخرى : ما كان الدليلان فيه من قبيل النصّ والظاهر أو الظاهر والأظهر ، بحيث لا يحتاج الجمع بينهما إلى شاهد سوى العرف ، وثالث مشكوك فيه ، وهو ما كان بين الدليلين فيه عموم من وجه ، وما في حكمه ممّا يحتاج الجمع بينهما إلى شاهد واحد. فأراد المصنّف رحمهالله بيان هذه المقامات ، إلّا أنّه قدّم الكلام في الأوّل ، للقطع بعدم كونه من موارد القاعدة. واستدلّ عليه أوّلا بعدم الدليل على الجمع فيه. وثانيا : بالإجماع. وثالثا : بالنصّ. ومقصودنا في المقام إنّما هو توضيح الكلام في بيان عدم الدليل ، وستقف على تتمّة الكلام في الدليلين الأخيرين ، وكذا في المقامين الأخيرين.
ولا بدّ هنا من بيان أمر ، وهو أنّهم قد اختلفوا في بعض صغريات هذا المقام ، لأنّه قد يمثّل له بمثل قولنا : أكرم العلماء ولا تكرم العلماء. وربّما يتراءى من جماعة ـ كصاحب مطالع الأنوار والنراقي وغيرهما ـ كونه من قبيل النصّ والظاهر ، حيث جمعوا بين الفقرتين بحمل الأمر على مطلق الجواز والنهي على الكراهة ، بتقريب : أنّ كلّ واحد منهما نصّ في شيء وظاهر في شيء آخر ، فيصرف ظاهر كلّ منهما بنصّ الآخر ، لكون النصّ قرينة عليه. وذلك لأنّ الأمر نصّ في الجواز