نعم ، يظهر الثمرة في إعمال المرجّحات السنديّة في هذا القسم ؛ إذ على العمل بقاعدة" الجمع" يجب أن يحكم بصدورهما وإجمالهما ، كمقطوعي الصدور ، بخلاف ما إذا أدرجناه فيما لا يمكن الجمع ، فإنّه يرجع فيه إلى المرجّحات ، وقد عرفت : أنّ هذا هو الأقوى ، وأنّه لا محصّل للعمل بهما على أن يكونا مجملين ويرجع إلى الأصل الموافق لأحدهما.
ويؤيّد ذلك بل يدلّ عليه : أنّ الظاهر من العرف دخول هذا القسم في الأخبار العلاجيّة الآمرة بالرجوع إلى المرجّحات. لكن يوهنه أنّ اللازم حينئذ بعد فقد المرجّحات التخيير بينهما ، كما هو صريح تلك الأخبار ، مع أنّ الظاهر من سيرة العلماء عدا ما سيجيء من الشيخ رحمهالله في العدّة والاستبصار في مقام الاستنباط ، التوقّف والرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما. إلّا أن يقال : إنّ هذا من باب الترجيح بالأصل ، فيعملون بمطابق الأصل منهما ، لا بالأصل المطابق لأحدهما ، ومع مخالفتهما للأصل فاللازم التخيير على كلّ تقدير (٢٧٩٤) ، غاية الأمر أنّ التخيير شرعيّ إن قلنا بدخولهما في عموم الأخبار ، وعقليّ علي القول به في مخالفي الأصل إن لم نقل.
وقد يفصّل بين ما إذا كان لكلّ من الظاهرين مورد سليم عن المعارض كالعامّين من وجه ؛ حيث إنّ مادّة الافتراق في كلّ منهما سليمة عن المعارض ، وبين غيره ، كقوله : " اغتسل للجمعة" و" ينبغي غسل الجمعة" ، فيرجّح الجمع على الطرح في الأوّل ؛ لوجوب العمل بكلّ منهما في الجملة ، فيستبعد الطرح في مادّة الاجتماع بخلاف الثاني. وسيجيء تتمّة الكلام إن شاء الله تعالى.
______________________________________________________
٢٧٩٤. أي : على تقدير اندراج ما نحن فيه في الأخبار العلاجيّة ، وعلى تقدير القول بأولويّة الجمع. أمّا على الثاني فواضح. وأمّا على الأوّل ، فإنّه مع عدم وجود المرجّحات ـ التي منها الأصل المطابق لأحدهما بالفرض ـ يتعيّن التخيير الشرعيّ لا محالة.