بقي في المقام أنّ شيخنا الشهيد الثاني رحمهالله فرّع في تمهيده على قضيّة (٢٧٩٥) أولويّة الجمع ، الحكم بتنصيف دار تداعياها وهي في يدهما ، أو لا يد لأحدهما ، وأقاما بيّنة (٣) ، انتهى المحكيّ عنه. ولو خصّ المثال بالصورة الثانية لم يرد عليه ما ذكره المحقّق القمّي رحمهالله (٤) (٢٧٩٦) ، وإن كان ذلك أيضا لا يخلو عن مناقشة يظهر بالتأمّل. وكيف كان ، فالأولى التمثيل بها وبما أشبهها ، مثل حكمهم بوجوب العمل بالبيّنات في تقويم المعيب والصحيح.
______________________________________________________
٢٧٩٥. ذكر أيضا من فروع ذلك ما لو أوصى بعين لزيد ثمّ أوصى بها لعمرو ، فقيل : يشرك بينهما ، لاحتمال إرادته ذلك ، عملا بالقاعدة. وفيه : أنّ مثله يعدّ عدولا عن الوصيّة الأولى ، فلا وجه للجمع بينهما ، ولذا قال الشهيد أيضا : الأصحّ كون ذلك رجوعا.
٢٧٩٦. توضيحه : أنّ المحقّق القمي قد أورد على ما ذكره الشهيد «بإمكان استناد التنصيف إلى ترجيح بيّنة الداخل فيعطى كلّ منهما ما في يده ، أو بيّنة الخارج فيعطى كلّ منهما ما في يد الآخر ، إذ دخول اليد وخروجها أعمّ من الحقيقي والاعتباري كما حقّق في محلّه» انتهى.
وتوضيح ما ذكره أنّ اليد الخالية من معارضة يد اخرى وإن كانت ظاهرة في استيعاب ذلك الشيء الذي ثبتت عليه ، وفي أنّه بتمامه ملك لذي اليد ، إلّا أنّها عند المعارضة مع الاخرى ـ كما إذا ثبتت يد كلّ من زيد وعمرو لدار مثلا ـ لا يبقى ليد كلّ منهما ظهور في استيعاب الجميع ، بل يدهما معا حينئذ بمنزلة يد واحدة عند العرف في استيعاب الجميع ، ولذا لو غصبا معا دارا لثالث ، وأثبتا يديهما عليها دفعة واحدة ، حكم بضمان كلّ منهما لنصف الدار لا تمامها ، خلافا لمن حكم بالكلّ للكلّ استنادا إلى استقلال يد كلّ منهما عليها. وحيث ثبت كون يدهما بمنزلة يد واحدة كانت يد كلّ منهما ثابتة على النصف لا محالة ، وكانت بيّنة كلّ منهما بيّنة داخل بالنسبة إلى النصف الذي في يده وبيّنة خارج بالنسبة إلى