.................................................................................................
______________________________________________________
النصف الآخر ، وإن كان كلّ من الخروج والدخول حينئذ اعتباريّا. فحينئذ إن رجّحنا الأخبار الدالّة على تقديم بيّنة الداخل يعطى كلّ منهما ما في يده من النصف ، وإن رجّحنا بيّنة الخارج يعطى كلّ منهما ما في يد الآخر ، فالحكم بالتنصيف حينئذ مبنيّ على ذلك لا على قضيّة الجمع بين البيّنتين.
وأورد عليه المصنف رحمهالله بأنّ هذا الإشكال إنّما يرد على تقدير ثبوت يد كلّ منهما على العين المتنازع فيها ، لا على تقدير عدم ثبوت يد عليها أصلا.
وأمّا وجه المناقشة في صورة عدم اليد على العين المتنازع فيها ، فإنّ دعوى مدّعي الملكيّة عند عدم وجود معارض لها من أمارات الملكيّة ، ولذا لو وجد شيء وادّعاه شخص يعطى ذلك من دون بيّنة. وأمّا مع معارضة دعواه مع دعوى شخص آخر ، فالحكم بالعين لأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح ، فيشرك بينهما بالسويّة لرفع التحكّم ، وبقاء احتمال كون العين لهذا المدّعي أو ذاك ، ومجرّد الاحتمال من أمارات الملك في مثل المقام. وكأنّه إجماعيّ فيما بينهم ، وله نظير في الشرع ، مثل ما ورد فيما لو كان لأحد درهم وللآخر درهمان ، فتلف أحد الدراهم عند الودعيّ ، من الحكم بأنّ لصاحب الدرهمين درهما ونصفا وللآخر نصفا ، ولأجل ما ذكرنا حكموا بكون التشريك في أمثال المقام مصالحة قهريّة.
وقد ظهر لك ممّا قرّرناه أنّ الحكم بالتشريك في محلّ الكلام إنّما هو لدعوى المتداعيين ، واحتمال كون العين المتنازع فيها لأحدهما بعد سقوط البيّنتين لأجل التعارض ، لا لأجل الجمع بينهما. ومع التسليم فالجمع على النحو المعتبر في تعارض البيّنات غير جار في تعارض أدلّة الأحكام ، كما يظهر من كلام المصنّف رحمهالله. وسنشير إلى توضيحه ، فلا وجه لجعل الجمع على الوجه الأوّل من فروع الجمع على الوجه الثاني. ويحتمل أيضا أن يكون وجه المناقشة ما سيشير إليه من كون الأصل في تعارض البيّنات هي القرعة لا الحكم بالتنصيف ، فتأمّل.