.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ إنّ الشهيد الثاني بعد أن ذكر الفرعين المتقدّمين ـ اللذين نقل أحدهما المصنّف رحمهالله ونقلنا الآخر قبل الحاشية السابقة ـ لأولويّة الجمع فيما كان التعارض على وجه التباين ، قال : «ولو كان بين الدليلين عموم وخصوص من وجه طلب الترجيح بينهما ، لأنّه ليس تقديم خصوص أحدهما على عموم الآخر بأولى من العكس». وذكر من جملة فروعه تفضيل فعل النافلة في البيت على المسجد الحرام ، فإنّ قوله عليهالسلام : «صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما عداه إلّا المسجد الحرام» يقتضي تفضيل فعلها فيه على البيت ، لعموم قوله «فيما عداه» وقوله عليهالسلام : «أفضل صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة» يقتضي تفضيل فعلها فيه على المسجد الحرام ومسجد المدينة.
ثمّ قال : «ويترجّح الثاني ـ يعني : تفضيل فعل النافلة في البيت ـ بأنّ حكمة اختيار البيت على المسجد هو البعد عن الرياء المؤدّي إلى إحباط الأجر بالكلّية ، وهو حاصل مع المسجدين وأمّا حكمة المسجدين. فهي الشرف المقتضي لزيادة الفضيلة على ما عداهما ، مع اشتراك الكلّ في الصحّة وحصول الثواب ، ومحصّل الصحّة أولى من محصّل الزيادة».
ويمكن ردّ هذا إلى الأوّل ، يعني : صورة التعارض التي يجمع فيها بين الدليلين مهما أمكن ، فيعمل بكلّ منهما من وجه ، بأن يحمل عموم فضيلة المسجد على الفريضة ، وعموم فضيلة البيت على النافلة ، لأنّ النافلة أقرب إلى مظنّة الرياء من الفريضة. وهذا هو الأصحّ ، وفيه مع ذلك إعمال الدليلين ، وهو أولى من طرح أحدهما.
وأقول : كأنّ نظره في الحكم بكون النسبة بين الروايتين العموم من وجه إلى عموم الرواية الأولى من حيث إثبات الأفضليّة لمطلق الصلاة ـ سواء كانت فريضة أم نافلة ـ في مسجد المدينة بالنسبة إلى سائر الأمكنة ما عدا مسجد الحرام ، وعموم الثانية من حيث إثبات أفضليّة النافلة في البيت بالنسبة إلى سائر الأمكنة حتّى