الظاهر لا يعدّ معارضا للنصّ ، إمّا لأنّ العمل به لأصالة عدم الصارف المندفعة بوجود النصّ ، وإمّا لأنّ ذلك (٢٨٤٧) لا يعدّ تعارضا في العرف. ومحلّ النزاع في غير ذلك.
وكيف كان ، فقد ظهر ضعف القول المزبور وضعف دليله المذكور وهو عدم الدليل على الترجيح بقوّة الظن.
وأضعف من ذلك ما حكي عن النهاية من احتجاجه : بأنّه لو وجب الترجيح بين الأمارات في الأحكام لوجب عند تعارض البيّنات ، والتالي باطل ؛ لعدم تقديم شهادة الأربعة على الاثنين.
وأجاب عنه في محكيّ النهاية والمنية : بمنع بطلان التالي ، وأنّه يقدّم شهادة الأربعة على الاثنين. سلّمنا ، لكن عدم الترجيح في الشهادة ربّما كان مذهب أكثر الصحابة ، والترجيح هنا مذهب الجميع ، انتهى. ومرجع الأخير إلى أنّه لو لا الإجماع (٢٨٤٨) حكمنا بالترجيح في البيّنات أيضا.
ويظهر ما فيه ممّا ذكرنا سابقا ؛ فإنّا لو بنينا على أنّ حجّية البيّنة من باب الطريقيّة ، فاللازم مع التعارض التوقّف والرجوع إلى ما يقتضيه الاصول في ذلك المورد من التحالف أو القرعة أو غير ذلك.
ولو بني على حجّيتها من باب السببيّة والموضوعية ، فقد ذكرنا أنّه لا وجه للترجيح بمجرّد أقربيّة أحدهما إلى الواقع ؛ لعدم تفاوت الراجح والمرجوح في الدخول فيما دلّ على كون البيّنة سببا للحكم على طبقها ، وتمانعهما مستند إلى مجرّد سببية كلّ منهما ، كما هو المفروض ، فجعل أحدهما مانعا دون الآخر لا يحتمله العقل.
ثمّ إنّه يظهر من السيّد الصدر (٢٨٤٩)
______________________________________________________
٢٨٤٧. هذا بناء على اعتبار الظواهر من باب الظهور العرفي من دون ملاحظة أصالة عدم القرينة.
٢٨٤٨. المعبّر عنه في كلام النهاية والمنية بمذهب أكثر الصحابة.
٢٨٤٩. أقول : لا بأس بنقل ملخّص كلامه أوّلا ، ثمّ الإشارة إلى المواقع التي اختلط عليه الأمر فيها ، قال : «إنّ المشهور ـ بل المجمع عليه ـ عند الاصوليّين هو