ـ الشارح للوافية ـ الرجوع في المتعارضين من الأخبار إلى التخيير أو التوقّف والاحتياط وحمل أخبار الترجيح على الاستحباب ، حيث قال ـ بعد إيراد إشكالات على العمل بظاهر الأخبار ـ : " إنّ الجواب عن الكلّ ما أشرنا إليه : من أنّ الأصل التوقّف في الفتوى والتخيير في العمل إن لم يحصل من دليل آخر العلم بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع ، وأنّ الترجيح هو الأفضل والأولى".
ولا يخفى بعده عن مدلول أخبار الترجيح. وكيف يحمل الأمر بالأخذ بما يخالف العامّة وطرح ما وافقهم على الاستحباب ، خصوصا مع التعليل ب" أنّ الرشد في خلافهم" ، و" أنّ قولهم في المسائل مبنيّ على مخالفة أمير المؤمنين عليهالسلام فيما يسمعونه منه". وكذا الأمر بطرح الشاذّ النادر ، وبعدم الاعتناء والالتفات إلى حكم غير الأعدل والأفقه من الحكمين. مع أنّ في سياق تلك المرجّحات موافقة الكتاب والسنّة ومخالفتهما ، ولا يمكن حمله على الاستحباب ، فلو حمل غيره عليه لزم التفكيك ، فتأمّل (٢٨٥٠). وكيف كان ، فلا شكّ أنّ التفصيّ عن الإشكالات الداعية له إلى ذلك ، أهون من هذا الحمل (*).
ثمّ لو سلّمنا دوران الأمر بين تقييد أخبار التخيير وبين حمل أخبار الترجيح على الاستحباب ، فلو لم يكن الأوّل أقوى وجب التوقّف ، فيجب العمل بالترجيح ؛ لما عرفت : من أنّ حكم الشارع بأحد المتعارضين إذا كان مردّدا بين التخيير والتعيين وجب التزام ما احتمل تعيينه.
المقام الثاني : في ذكر الأخبار الواردة في أحكام المتعارضين ، وهي أخبار : الأوّل : ما رواه المشايخ الثلاثة (٢٨٥١) بإسنادهم عن عمر بن حنظلة : " قال : سألت
______________________________________________________
٢٨٥٠. لعلّه أشار به إلى أنّ التفكيك إنّما لا يصار إليه مع عدم الدليل ، والدليل هنا قائم عليه ، وهو ما أشار إليه من وجوه الإشكال.
٢٨٥١. قد وصفها في البحار بالصحّة ، وفي الوافية بالموثّقية. وليس في السند من يوجب القدح فيه إلّا رجلان ، أحدهما : داود بن حصين ، وقد وثّقه
__________________
(*) فى بعض النسخ زيادة : لما عرفت من عدم جواز الحمل علي الاستحباب.