والتحقيق : أنّ هذا كلّه خلاف ما يقتضيه الدليل ؛ لأنّ الأصل في الخبرين الصدق والحكم بصدورهما فيفرضان كالمتواترين ، ولا مانع عن فرض صدورهما (٢٨٨٤) حتّى يحصل التعارض ؛ ولهذا لا يطرح الخبر الواحد الخاص بمعارضة العام المتواتر.
وإن شئت قلت : إنّ مرجع التعارض بين النصّ والظاهر (٢٨٨٥) إلى التعارض بين أصالة الحقيقة في الظاهر ودليل حجيّة النص ، ومن المعلوم ارتفاع الأصل بالدليل.
______________________________________________________
٢٨٨٤. حاصله : أنّ تعارض الخبرين إنّما هو بتمانع مدلولهما على وجه لا يمكن فرض صدورهما عن الإمام عليهالسلام ، لاستلزامه التنافي ، ولذا احتيج إلى الترجيح في المتباينين ، وحيث لا تنافي بين العامّ والخاصّ عرفا على الوجه المذكور لا يكونان موردين للترجيح.
٢٨٨٥. توضيح المقام : أنّه إذا وقع التعارض بين ظاهرين بحيث لا يمكن الجمع بينهما إلّا بصرفهما عن ظاهرهما ، فالصور المتصوّرة هنا أربع : الاولى : الأخذ بسندهما ، وطرح ظاهرهما. الثانية : الأخذ بسند أحدهما مع ظاهره. وطرح الآخر رأسا. الثالثة : الأخذ بسند أحدهما مع ظاهر الآخر. الرابعة : الأخذ بظاهرهما ، وطرح سندهما.
ولا سبيل إلى الأخيرتين ، لامتناعهما جدّا ، فيدور الأمر بين الأوليين. وحينئذ لا بدّ من الجمع ، أو الترجيح إن كان أحدهما موافقا لأحد المرجّحات ، وإلّا فالتخيير. وحينئذ فالأخذ بسند الراجح أو المختار وطرح ظاهر الآخر متعيّنان ، لثبوتهما على كلّ تقدير. وحينئذ يدور الأمر بين الأخذ بسند ما تعيّن طرح ظاهره ، وبين طرح ظاهر ما تعيّن الأخذ بسنده ، كما تقدّم توضيح ذلك عند بيان قاعدة الجمع.
وأمّا إذا كان الخبران من قبيل النصّ والظاهر ، فيدور الأمر بين الأخذ بسندهما مع دلالة النصّ وطرح ظهور الظاهر ، وبين الأخذ بسند أحدهما الراجح أو المخيّر مع دلالته وطرح الآخر كذلك. وحيث فرضنا الكلام فيما كان الظاهر