التعارض ، فهما كظاهري مقطوعي الصدور أو ككلام واحد تصادم فيه ظاهران.
ويشكل بصدق التعارض بينهما عرفا ودخولهما في الأخبار العلاجيّة ؛ إذ تخصيصها بخصوص المتعارضين اللذين لا يمكن الجمع بينهما إلّا بإخراج كليهما عن ظاهرهما خلاف الظاهر ، مع أنّه لا محصّل للحكم بصدور الخبرين والتعبّد بكليهما ؛ لأجل أن يكون كلّ منهما سببا لإجمال الآخر ، ويتوقّف في العمل بهما فيرجع إلى الأصل ؛ إذ لا يترتّب حينئذ ثمرة على الأمر بالعمل بهما. نعم ، كلاهما دليل واحد (٢٨٨٧) على نفي الثالث ، كما في المتباينين.
وهذا هو المتعيّن ؛ ولذا استقرّت طريقة العلماء على ملاحظة المرجّحات السنديّة في مثل ذلك ، إلّا أنّ اللازم من ذلك وجوب التخيير بينهما عند فقد المرجّحات ، كما هو ظاهر آخر عبارتي العدّة والاستبصار المتقدّمتين ، كما أنّ اللازم على الأوّل التوقّف من أوّل الأمر والرجوع إلى الأصل إن لم يكن مخالفا لهما ، وإلّا فالتخيير من جهة العقل ، بناء على القول به في دوران الأمر بين احتمالين مخالفين للأصل ، كالوجوب والحرمة.
______________________________________________________
٢٨٨٧. لا يخفى أنّ هذه الثمرة تكفي في الأمر بالتعبّد بهما ، وإن كانت عاقبة الأمر الحكم بإجمالهما والرجوع إلى الأصل الموافق لأحدهما ، بل يمكن منع لزوم ترتّب الثمرة على جعل اعتبار الخبرين المتعارضين ، لأنّ ذلك إنّما يلزم على تقدير اعتبارهما بالخصوص ، لا على تقدير اعتبارهما بعموم أدلّة اعتبارهما. ونظير ما نحن فيه جميع القواعد والاصول التي قد يتعارض مؤدّى بعضها في بعض الموارد كالشبهة المحصورة وغيرها ، لأنّ تعارض استصحابي الطهارة فيها لا يمنع شمول أدلّة الاستصحاب لكلّ من المشتبهين من حيث أنفسهما ، وغاية الأمر أن يكون تعارضهما موجبا للتساقط لا مانعا من أصل اعتبارهما ، كما اعترف به المصنّف رحمهالله في بعض كلماته.
نعم ، قد يظهر منه في بعض آخر من كلماته عدم شمول أدلّة اعتبار الاصول لموارد العلم الإجمالي ، لكن لا لأجل عدم ترتّب ثمرة عليه ، بل من أجل عدم إمكان شمول أدلّتها لكلّ من المتعارضين ، ولا لأحدهما بعينه ولا لا بعينه ، كما قرّره في تعارض الاستصحابين ، فراجع.