وقد أشرنا سابقا إلى أنّه قد يفصّل في المسألة بين ما إذا كان لكلّ من المتعارضين (٢٨٨٨) مورد سليم عن التعارض ، كما في العامين من وجه ؛ حيث إنّ الرجوع إلى المرجّحات السنديّة فيهما على الإطلاق يوجب طرح الخبر المرجوح في مادّة الافتراق ولا وجه له ، والاقتصار في الترجيح بها على (*) خصوص مادّة الاجتماع التي هي محلّ المعارضة وطرح المرجوح بالنسبة إليها مع العمل به في مادّة الافتراق ، بعيد عن ظاهر الأخبار العلاجيّة ، وبين ما إذا لم يكن لهما مورد سليم ، مثل قوله : " اغتسل للجمعة" الظاهر في الوجوب ، وقوله : " ينبغي غسل الجمعة" الظاهر في الاستحباب ، فيطرح الخبر المرجوح رأسا لأجل بعض المرجّحات.
لكنّ الاستبعاد المذكور في الأخبار العلاجيّة إنّما هو من جهة أنّ بناء العرف في العمل بأخبارهم من حيث الظنّ بالصدور ، فلا يمكن التبعيض في صدور العامّين من وجه من حيث مادّتي الافتراق والاجتماع ، كما أشرنا سابقا إلى أنّ الخبرين المتعارضين من هذا القبيل.
وأمّا إذا تعبّدنا الشارع بصدور الخبر الجامع للشرائط ، فلا مانع من تعبّده ببعض مضمون الخبر دون بعض. وكيف كان فترك التفصيل أوجه منه ، وهو أوجه من إطلاق إهمال المرجّحات.
وأمّا ما ذكرنا في وجهه من عدم جواز طرح دليل حجّية أحد الخبرين لأصالة الظهور في الآخر ، فهو إنّما يحسن إذا كان ذلك الخبر بنفسه (٢٨٩٠) قرينة على
______________________________________________________
٢٨٨٨. يعني «** و***» : بالعموم من وجه.
٢٨٨٩. يعني «** و***» : من قبيل التبعيض في السند. وحاصل ما ذكره في المقام : أنّ الأخبار المتعارضة العرفيّة المعتبرة عندهم من باب الظنّ ، كما لا يمكن التبعيض فيها بحسب الصدور ، كذلك الأخبار المتعارضة في الشرعيّات المعتبرة من باب الظنّ شرعا.
٢٨٩٠. وهذا إنّما يتمّ فيما كان ذلك الخبر نصّا أو أظهر بالنسبة إلى الآخر ،
__________________
(*) فى بعض النسخ بدل «علي» : في.
(** و***) هاتان التعليقتان على عبارة زائدة وردت في بعض النسخ ، وهي : «كما أشرنا سابقا إلى أنّ الخبرين المتعارضين من هذا القبيل». انظر فرائد الاصول (طبعة مجمع الفكر الاسلامي) ج ٤ : ص ٨٨ الهامش رقم (٣).