إرادة خلاف الظاهر في الآخر ، وأمّا إذا كان محتاجا إلى دليل ثالث يوجب صرف أحدهما ، فحكمهما حكم الظاهرين المحتاجين في الجمع بينهما إلى شاهدين في أنّ العمل بكليهما مع تعارض ظاهريهما يعدّ غير ممكن ، فلا بدّ من طرح أحدهما معيّنا للترجيح ، أو غير معيّن للتخيير. ولا يقاس حالهما على حال مقطوعي الصدور في الالتجاء إلى الجمع بينهما ، كما أشرنا إلى دفع ذلك عند الكلام في أولويّة (*) الجمع على الطرح ، والمسألة محلّ إشكال.
وقد تلخّص ممّا ذكرنا أنّ تقديم النصّ على الظاهر خارج عن مسألة الترجيح بحسب الدلالة ؛ إذ الظاهر لا يعارض النص حتّى يرجّح النصّ عليه. نعم ، النصّ الظنّي السند يعارض دليل سنده لدليل حجّية الظهور ، لكنّه حاكم على دليل اعتبار الظاهر ، فينحصر الترجيح بحسب الدلالة في تعارض الظاهر والأظهر ؛ نظرا إلى احتمال خلاف الظاهر في كلّ منهما بملاحظة نفسه ، غاية الأمر ترجيح الأظهر.
ولا فرق في الظاهر والنصّ بين العام والخاص المطلقين إذا فرض عدم احتمال في الخاصّ (٢٨٩١) يبقى معه ظهور العام وإلّا دخل في تعارض الظاهرين أو تعارض
______________________________________________________
إذ على الأوّل يكون دليل اعتباره حاكما على ظهور الآخر ، وعلى الثاني يكون تقديم الأظهر عليه من باب تقديم أقوى الدليلين ، كما عرفت توضيحه عند شرح قوله : «وإن شئت قلت إنّ مرجع التعارض بين النصّ والظاهر ...».
٢٨٩١. مثل احتمال الأمر في قوله : أعتق رقبة مؤمنة بعد قوله : أعتق رقبة ، لبيان أفضل الأفراد ، لبقاء الأمر بالمطلق حينئذ على ظهوره من إفادة الوجوب. وحينئذ إن كان هذا الاحتمال مساويا لاحتمال إرادة الاستحباب من الأمر بالمطلق كانا من قبيل الظاهرين ، وإن كان مرجوحا بالنسبة إليه كانا من قبيل الظاهر والأظهر ، وإن فرض عدم تحقّق هذا الاحتمال فيه ولو لأجل دليل خارجي كانا من قبيل النصّ والظاهر.
__________________
(*) فى بعض النسخ : بدل «أولويّة» ، أدلّة تقديم.