الظاهر والأظهر ـ وبين ما يكون التوجيه فيه (٢٨٩٢) قريبا وبين ما يكون التوجيه فيه بعيدا ، مثل صيغة الوجوب مع دليل نفي البأس عن الترك ؛ لأنّ العبرة بوجود احتمال في أحد الدليلين لا يحتمل ذلك في الآخر وإن كان ذلك الاحتمال بعيدا في الغاية ؛ لأنّ مقتضى الجمع بين العامّ والخاصّ بعينه موجود فيه.
وقد يظهر خلاف ما ذكرنا في حكم النصّ والظاهر من بعض الأصحاب في كتبهم الاستدلاليّة ، مثل حمل الخاصّ المطلق (٢٨٩٣) على التقيّة لموافقته لمذهب العامّة : منها : ما يظهر من الشيخ رحمهالله في مسألة" من زاد في صلاته ركعة" ، حيث حمل ما ورد في صحّة صلاة من جلس في الرابعة بقدر التشهّد على التقيّة ، وعمل على عمومات إبطال الزيادة ، وتبعه بعض متأخّري المتأخّرين. لكنّ الشيخ رحمهالله كأنّه بنى على ما تقدّم عن العدّة والاستبصار من ملاحظة المرجّحات قبل حمل أحد الخبرين على الآخر أو على استفادة التقيّة من قرائن أخر غير موافقة مذهب العامّة. ومنها : ما تقدّم عن بعض المحدّثين ، من مؤاخذة حمل الأمر والنهي على الاستحباب والكراهة.
وقد يظهر من بعض الفرق بين العامّ والخاصّ والظاهر في الوجوب والنصّ الصريح في الاستحباب وما يتلوهما في قرب التوجيه وبين غيرهما ممّا كان تأويل الظاهر فيه بعيدا ، حيث إنّه (*) ـ بعد نفي الإشكال عن الجمع بين العامّ والخاصّ والظاهر في الوجوب والنصّ (**) في الاستحباب ـ استشكل الجمع في مثل ما إذا دلّ دليل على أنّ القبلة أو مسّ باطن الفرج لا ينقض الوضوء ، ودلّ دليل آخر على أنّ الوضوء يعاد منهما ، وقال : " إنّ الحكم بعدم وجوب الوضوء في المقام مستند إلى النصّ المذكور ، وأمّا الحكم باستحباب الوضوء فليس له مستند ظاهر ، لأنّ تأويل كلامهم
______________________________________________________
٢٨٩٢. يعني بينما ورد فيه خبران احتمل أحدهما توجيها لا يحتمله الآخر ، سواء كان التوجيه فيه قريبا أم بعيدا.
٢٨٩٣. أي : لا من وجه.
__________________
(*) فى بعض النسخ : بدل «إنّه» : قال.
(**) فى بعض النسخ : بدل «النصّ» : الصريح.