وأضعف من ذلك التمسّك باستصحاب عدم النسخ في المقام ؛ لأنّ الكلام في قوّة أحد الظاهرين (٢٩١١) وضعف الآخر ، فلا وجه لملاحظة الاصول العمليّة في هذا المقام ، مع أنّا إذا فرضنا عامّا متقدّما وخاصّا متأخّرا ، فالشكّ في تكليف المتقدّمين بالعام وعدم تكليفهم ، فاستصحاب الحكم السابق لا معنى له ، فيبقى ظهور الكلام في عدم النسخ معارضا بظهوره في العموم. نعم ، لا يجري في مثل العامّ المتأخّر عن الخاصّ. ثمّ إنّ هذا التعارض (٢٩١٢) إنّما هو مع عدم ظهور الخاصّ في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء ، وإلّا تعيّن التخصيص.
______________________________________________________
واحد ، لأنّه على تقدير النسخ يلزم تخصيص هذا الحديث الشريف ، وصرف الدليل الظاهر في الاستمرار عن ظهوره ، بخلافه على تقدير ارتكاب خلاف الظاهر في الدليل الآخر ، ولا ريب أنّ الثاني أولى وأرجح ، لوجوب المحافظة على الظواهر بحسب الإمكان.
٢٩١١. مضافا إلى عدم صلاحيّة الاصول للترجيح في المقام ، إمّا لأنّ اعتبار الاصول من باب التعبّد ، فلا تصلح لترجيح أحد الظهورين ، لاختلاف مرتبتهما. اللهمّ إلّا أن يمنع ذلك في خصوص أصالة عدم النسخ ، نظرا إلى استقرار بناء العقلاء عليها. وإمّا لحكومة الظاهر المقابل لها عليها ، ولذا لا يقاوم شيء من الاصول ـ سواء قلنا باعتبارها من باب التعبّد أو الظنّ ـ شيئا من الأدلّة الظنّية.
٢٩١٢. يعني : التعارض بين ظهور الكلام في استمرار الحكم وبين ظهوره في شمول الحكم لجميع الأفراد. وحاصله : أنّه إذا ورد عامّ فله ظهور من جهتين : إحداهما : ظهوره في استمرار الحكم إلى الأبد ، والاخرى : ظهوره في شمول الحكم لجميع أفراده ، ولا تعارض بين هذين الظهورين في أنفسهما. وإذا ورد بعده خاصّ مخالف له في الحكم ، مردّد بين كونه مخصّصا للعامّ وناسخا لحكم بعض أفراده ، فحينئذ يقع التعارض بين الظهورين المذكورين بواسطة ورود هذا الخاص المردّد بين الأمرين.
ولكن هذا التعارض المشار إليه بقوله «ثمّ إنّ هذا التعارض ...» إنّما هو مع عدم