ويمكن توجيه الوجه الرابع : بعدم انحصار (٢٩٦٢) دليله في الرواية المذكورة ، بل الوجه فيه هو ما تقرّر في باب التراجيح واستفيد من النصوص والفتاوى من حصول الترجيح بكلّ مزيّة في أحد الخبرين يوجب كونه أقلّ أو أبعد احتمالا لمخالفة الواقع من الخبر الآخر ، ومعلوم أنّ الخبر المخالف لا يحتمل فيه التقيّة ، كما يحتمل في الموافق ، على ما تقدّم من المحقّق قدسسره. فمراد المشهور من حمل الخبر الموافق على التقيّة ليس كون الموافقة أمارة على صدور الخبر تقيّة ، بل المراد أنّ الخبرين لمّا اشتركا في جميع الجهات المحتملة لخلاف الواقع ـ عدا احتمال الصدور تقيّة المختصّ بالخبر الموافق ـ تعيّن العمل بالمخالف وانحصر محمل الخبر الموافق المطروح في التقيّة.
______________________________________________________
الموافقة والمخالفة. فالأخبار لا تشمل ما عدا الاولى بناء على حملها على الغالب ، لندرة الثالثة ، وعدم تحقّق الموافقة والمخالفة على الثانية.
٢٩٦٢. لا يذهب عليك أنّه بعد توجيهه بما ذكره ، وبعد تسليم عدم مساعدة الرواية المذكورة عليه ، لا تكون مخالفة العامّة على هذا التوجيه من المرجّحات المنصوصة ، وإنّما تكون منها على الوجه الثاني ، لما أشار إليه من دلالة معظم الأخبار عليه ، فلا يمكن أن يستدلّ بها على جواز الترجيح بها على الوجه الرابع. نعم ، يمكن أن يستدلّ عليه بما أشار إليه المصنّف رحمهالله من جواز الترجيح بكلّ مزيّة. ومستنده على ما يستفاد من كلامه وجهان : أحدهما : ظاهر العلماء في باب التراجيح. وثانيهما : استفادته من النصوص.
ويمكن أن يقال في تقريب الأوّل : إنّ الإجماع كما انعقد على اعتبار مطلق الظنّ المتعلّق بالسند في باب الترجيح ، كذلك انعقد على اعتبار مطلقه في وجه الصدور ، حتّى إنّ بعضهم تعدّى في المقام إلى الظنّ المستفاد من القياس ، فكيف ظنّك بسائر الظنون التي لم يقم دليل على عدم اعتباره بالخصوص.
ويمكن أن يستدلّ عليه بوجهين آخرين : أحدهما : بناء العقلاء ، لاستمرار طريقتهم في باب التعارض على ترجيح ما هو أرجح صدورا لبيان الواقع. والآخر :