بالحلف ، لكن لا بدّ من توجيهها ، فيرجع الأمر إلى التعبّد بعلّة الحكم (٢٩٦٠) ، وهو أبعد من التعبّد بنفس الحكم.
والوجه الرابع : بأنّ دلالة الخبر المذكور عليه لا يخلو عن خفاء ؛ لاحتمال أن يكون المراد من شباهة أحد الخبرين بقول الناس كونه متفرّعا على قواعدهم الباطلة ، مثل تجويز الخطأ على المعصومين من الأنبياء والأئمة عليهمالسلام ـ عمدا أو سهوا ـ والجبر والتفويض ونحو ذلك. وقد اطلق الشباهة على هذا المعنى في بعض أخبار العرض على الكتاب والسنّة ، حيث قال : " فإن أشبههما فهو حقّ ، وإن لم يشبههما فهو باطل". وهذا الحمل أولى من حمل القضيّة على الغلبة لا الدوام بعد تسليم الغلبة.
ويمكن دفع الإشكال في الوجه الثاني عن التعليل في الأخبار ، بوروده على الغالب من انحصار الفتوى في المسألة في الوجهين ؛ لأنّ الغالب أنّ الوجوه في المسألة إذا كثرت كانت العامّة مختلفين (٢٩٦١) ، ومع اتّفاقهم لا يكون في المسألة وجوه متعدّدة.
ويمكن أيضا الالتزام بما ذكرنا سابقا من غلبة الباطل في أقوالهم ، على ما صرّح به في رواية الأرجائيّ المتقدّمة. وأصرح منها ما حكي عن أبي حنيفة من قوله : " خالفت جعفرا في كلّ ما يقول ، إلّا أنّي لا أدري أنّه يغمض عينيه في الركوع والسجود أو يفتحهما". وحينئذ فيكون خلافهم أبعد من الباطل.
______________________________________________________
فإنّ الحقّ فيه» كالصريح في كون المأخوذ أمرا متعيّنا وأنّه الحقّ ، لا أنّه من محتملاته.
٢٩٦٠. لما أشار إليه من عدم استقامة ظاهر العلّة ، فلا بدّ أن يكون الأخذ بها تعبّدا محضا ، وهو أبعد من التعبّد بالترجيح بالمخالفة ، وقد تقدّم وجه بعده أيضا.
٢٩٦١. فلا تتحقّق الموافقة والمخالفة. والحاصل : أنّ هنا صورا : إحداها : أن تكون المسألة عند الشيعة ذات وجهين ، أحدهما موافق للعامّة والآخر مخالف لهم. الثانية : أن تكون عند الشيعة ذات وجوه ، وكذا عند العامّة ، بأن اختلفوا فيها كالشيعة على أقوال. الثالثة : أن تكون عند الشيعة ذات وجوه ، ولكنّ العامّة اتّفقوا على وجه واحد منها. والاولى أغلب بالنسبة إلى الثالثة. وعلى الثانية لا تتحقّق