وما ذكره الشيخ قدسسره إنّما يتمّ لو أراد الترجيح بما يقتضيه الأصل ، لا بما ورد التعبّد به من الأخذ بالأحوط من الخبرين ، مع أنّ ما ذكره من استفادة الحظر أو الإباحة من الشرع لا ينافي ترجيح أحد الخبرين بما دلّ من الشرع على أصالة الإباحة ، مثل قوله عليهالسلام : " كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي" ، أو على أصالة الحظر مثل قوله : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ، مع أنّ مقتضى التوقّف على ما اختاره لمّا كان وجوب الكفّ عن الفعل ـ على ما صرّح به هو وغيره ـ كان اللازم بناء على التوقّف العمل بما يقتضيه الحظر. ولو ادّعي ورود أخبار التخيير على ما يقتضيه التوقّف من الحظر جرى مثله على القول بأصالة الحظر.
ثمّ إنّه يشكل الفرق بين ما ذكروه من الخلاف في تقديم المقرّر على الناقل ـ وإن حكي عن الأكثر تقديم الناقل ـ وبين عدم ظهور الخلاف في تقديم الحاظر على المبيح. ويمكن الفرق بتخصيص المسألة الاولى بدوران الأمر بين الوجوب وعدمه (٣٠١٢) ؛ ولذا رجّح بعضهم الوجوب على الإباحة والندب لأجل الاحتياط.
______________________________________________________
وفيه : مع ما عرفت من منع الأولويّة ، أنّ قاعدة التأسيس إنّما تفيد تقديم المقرّر دون الناقل ، إذ تقديم المقرّر يستلزم تقديم الناقل عليه ، فيكون الناقل واردا على خلاف الأصل ، والمقرّر على خلاف ما يستفاد من الناقل ، فيقع كلّ في موضع الحاجة ، بخلاف ما لو قيل بترجيح الناقل ، لأنّه يستلزم ورود المقرّر على وفق الأصل ، وهو تأكيد على ما عرفت في تقرير حجّة القائل بتقديم المقرّر.
وثالثها : ما ذكره في المعالم أيضا من أنّ العمل بالناقل يقتضي تقليل النسخ ، لأنّه يزيل حكم العقل فقط ، بخلاف المقرّر ، فإنّه يوجب تكثيره ، لإزالته حكم الناقل بعد إزالة الناقل حكم العقل.
وفيه : مع ما في كون رفع حكم العقل نسخا ، أنّه لا يتمّ في أخبار الأئمة عليهمالسلام ، لعدم النسخ فيها ، فيختصّ بأخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله. ثمّ إنّ أدلّة سائر الأقوال ضعيفة جدّا ، فلا حاجة إلى ذكرها بعد ما قرّرناه وحرّرناه.
٣٠١٢. أي : بين الوجوب وغير الحرمة ، فلا يشمل مورد دوران الأمر بين