من الأدلّة الظنيّة إذا قلنا بحجّيتها من حيث الطريقيّة المستلزمة للتوقّف عند التعارض ، لكن ليس هذا من الترجيح في شيء.
نعم ، لو قيل بالتخيير في تعارضها من باب تنقيح المناط كان حكمها حكم الخبرين. لكن فيه تأمّل ، كما في إجراء التراجيح المتقدّمة في تعارض الأخبار ، وإن كان الظاهر من بعضهم (٢٥) عدم التأمّل في جريان جميع أحكام الخبرين من الترجيح فيها بأقسام المرجّحات مستظهرا عدم الخلاف في ذلك. فإن ثبت الإجماع على ذلك أو أجرينا ذلك في الإجماع المنقول من حيث إنّه خبر فيشمله حكمه فهو ، وإلّا ففيه تأمّل.
لكنّ التكلّم في ذلك قليل الفائدة ؛ لأنّ الطرق الظنيّة غير الخبر ليس فيها ما يصحّ للفقيه دعوى حجّيته من حيث إنّه ظنّ مخصوص ، سوى الإجماع المنقول بخبر الواحد ، فإن قيل بحجّيتها فإنّما هي من باب مطلق الظنّ ، ولا ريب أنّ المرجع (*) في تعارض الأمارات المعتبرة على هذا الوجه إلى تساقط المتعارضين إن ارتفع الظنّ من كليهما أو سقوط أحدهما عن الحجّية وبقاء الآخر بلا معارض إن ارتفع الظنّ عنه.
وأمّا الإجماع المنقول ، فالترجيح بحسب الدلالة من حيث الظهور أو النصوصيّة جار فيه لا محالة وأمّا الترجيح من حيث الصدور أو جهة الصدور ، فالظاهر أنّه كذلك ـ وإن قلنا بخروجه عن الخبر عرفا ، فلا يشمله أخبار علاج تعارض الأخبار وإن شمله لفظ" النبأ" في آية النبأ ـ لعموم التعليل المستفاد من قوله عليهالسلام : " فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه" وقوله عليهالسلام : " لأنّ الرشد في خلافهم" ؛ فإنّ خصوص المورد لا يخصّصه.
______________________________________________________
نعم ، ربّما يقدّم الظاهر عليه في بعض الموارد التي ثبت بناء العرف والعادة فيها على التقديم ، كما إذا تخلّى الزوج مع زوجته برهة من الزمان ، ثمّ ادّعت الزوجة الدخول وأنكره الزوج ، فيقدّم قولها وإن كان مخالفا للأصل. ولعلّ السرّ فيه قوّة ظهور الظاهر في أمثال المقام بحسب قرائن المقام ، حتّى إنّه ينزّل منزلة العلم.
__________________
(*) فى بعض النسخ : بدل «المرجع» : الوجه.