.................................................................................................
______________________________________________________
مبحث الاستصحاب. وأمّا على القول باعتبارها من باب الظنّ النوعي ، فيصحّ معارضتها حينئذ. ولعلّه على هذا يبتنى ملاحظتهم التعارض بينها والترجيح بالمرجّحات الداخلة ، كالكثرة من جانب دون آخر ، حتّى قد أفرط بعضهم فرجّح الاصول الظنّية بالاعتضاد بالاصول التعبّدية. وفيه ما لا يخفى. وكذا الخارجة ، مثل موافقة الشهرة ، حتّى أفرط بعضهم فرجّح بموافقة القياس. وقد تقدّم ضعفه أيضا سابقا. وأمّا تعارضها مع غيرها من الأدلّة الاجتهاديّة كخبر الواحد ونحوه فلا ، سواء قلنا باعتبارها من باب التعبّد أو الظنّ ، لحكومتها عليها. أمّا على الأوّل فواضح. وأمّا على الثاني ، فإنّ الاصول إنّما تفيد الظنّ في مورد الشكّ ، والأدلّة رافعة للشكّ المأخوذ في موضوعها.
وقد فصّل بعضهم بأنّا إن قلنا باعتبار الاستصحاب من باب الأخبار فخبر الواحد مقدّم عليه ، وإن قلنا باعتباره لا من باب الأخبار بل من باب التعبّد أو الظنّ ففي تقديم الخبر عليه نظر. وهو كما ترى ، لما عرفت من حكومة الأدلّة على الاصول مطلقا.
هذا كلّه في تعارض الاصول الجارية في نفس الأحكام الكلّية. وأمّا تعارضها مع سنخها في الموضوعات الخارجة ـ كتعارض الاستصحابين ـ فهو كما تقدّم. وأمّا تعارض الأصل والظاهر ، فربّما يقدّم الأصل ، وربّما يعكس ، نظرا إلى عموم حجّية ظنّ المجتهد ، فالأصل تقديم الظاهر حتّى يقوم دليل على تقديم الأصل كما يظهر من المحقّق القمّي رحمهالله. وفيه : أنّ ظنّ المجتهد من حيث هو ليس موضوعا في الكتاب والسنّة حتّى يؤخذ بعمومه أو إطلاقه ، بل الدليل على اعتباره هو الإجماع على اعتباره في الجملة ، وإن اختلفوا في أنّ المعتبر ظنونه الخاصّة أو مطلق ظنونه ، لكن معقد هذا الإجماع إنّما هو الظنّ المتعلّق بالأحكام الكلّية دون موضوعاتها ، فلا دليل على اعتباره فيها على الإطلاق. وحينئذ نقول : إنّه مع تعارض الأصل والظاهر ، فإن قام الدليل على اعتبار الظاهر يقدّم عليه بلا إشكال ، وإلّا يقدّم الأصل عليه كذلك.