.................................................................................................
______________________________________________________
فأمّا إذا كان حكم العقل قطعيّا ، سواء كانت الاستفادة والمستفاد أصليّين أم تبعيّين أم بالاختلاف ، فلا يجوز معارضته مع سنخه ولا غيره ، بل كلّ دليل يخالفه يكون مطروحا. فأمّا عدم معارضته مع سنخه فلعدم تعقّل حكم العقل منجّزا بطرفي النقيض. وأمّا مع غيره ، فإنّه على تقدير جواز التعارض ، لا بدّ أن تجري عليه أحكام التعارض ، من جواز تخصيص أحدهما بالآخر إذا كان خاصّا أو الحكم بالإجمال في مادّة التعارض في وجه إذا كان بينهما عموم من وجه ، وملاحظة الترجيح مع تباينهما ، وشيء منها لا يجري في الأحكام العقليّة القطعيّة المنجّزة ، لأنّ الحكم العقلي نصّ في مورده ، سواء كان عامّا أو خاصّا فلا يسري إليه احتمال التخصيص أو الإجمال أو الترجيح.
نعم ، إذا كانت استفادة العقل تبعيّة ترتفع هذه الاستفادة بارتفاع المستفاد منه ، كما إذا قام الدليل على عدم وجوب ذي المقدّمة ، فيسقط العقل حينئذ عن الحكم بوجوب المقدّمة ، لكنّه ليس من باب التعارض ، لارتفاع موضوع حكمه حينئذ.
وممّا ذكرناه يظهر الكلام فيما كان حكم العقل ظنّيا أيضا ، لأنّه وإن فرض كونه ظنّيا إلّا أنّ شموله لمورده على وجه النصوصيّة دون الظهور ، فلا يتأتّى فيه الترجيح أيضا كما هو واضح.
وأمّا إذا كان حكمه تعليقيّا ، مثل حكمه بالبراءة عن التكليف عند عدم البيان الشرعيّ ، فلا يجوز معارضته مع غيره من الأدلّة ، لأنّ حكمه معلّق على عدم البيان بالفرض ، والدليل الشرعيّ بيان له ، فيرتفع موضوع حكمه حينئذ ، وهذا ليس من باب الترجيح أيضا.
المقام السادس : في بيان تعارض الاصول. فاعلم أنّه لا يجوز تعارضها مع سنخها على القول باعتبارها من باب التعبّد ، وقد تقدّم الكلام فيه مشبعا في