الآخرة معادا ، [ولم يكن](١) فيها أحد ثم عاد إليها. قال الهذلي :
وعاد الفتى كالطفل (٢) ليس بقائل |
|
سوى الحقّ شيئا واستراح العواذل (٣) |
وقال ابن قتيبة (٤) : من توهّم أن الظهار لا يقع حتى يلفظ به ثانية فليس بشيء ؛ لأن الناس قد أجمعوا أن الظهار يقع بلفظ واحد. وإنما تأويل الآية : أن أهل الجاهلية كانوا يطلّقون بالظهار ، فجعل الله حكم الظّهار في الإسلام خلاف حكمه عندهم في الجاهلية ، وأنزل : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) يعني : في الجاهلية (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) يعني : في الإسلام ، أي : يعودون لما كانوا يقولونه من هذا الكلام (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أي : فعليهم أو فكفّارتهم تحرير رقبة ، أي : عتقها.
وفي اشتراط كونها مؤمنة ؛ عن الإمام أحمد ؛ روايتان (٥).
ولا تجزئ إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بيّنا ؛ لأن المقصود تمليك العبد منفعة نفسه وتمكّنه من التصرف ، فلا يجزئ الأعمى ولا الزمن ولا مقطوع اليد أو الرجل ، ولا مقطوع الإبهام أو السبابة أو الوسطى ، ولا مقطوع الخنصر والبنصر من يد واحدة ، وقطع أنملتين من أصبع كقطعها ، ولا يمنع قطع أنملة واحدة إلا الإبهام لأنها أنملتان ، فذهاب إحداهما مضر بالعمل ؛ كقطعها (٦).
__________________
(١) في الأصل : ويكن. والتصويب من ب ، والحجة للفارسي (١ / ٣٣٢).
(٢) في جميع مصادر تخريج البيت : كالكهل.
(٣) البيت لأبي خراش الهذلي ، وهو في : الأغاني (١٠ / ٢١٨ ، ٢١ / ٢١٨) ، والحجة للفارسي (١ / ٣٣٢) ، والطبري (١ / ٣٢٧) ، والقرطبي (٧ / ٣٠١ ، ١٥ / ٩) ، وزاد المسير (٨ / ١٨٤).
(٤) تفسير غريب القرآن (ص : ٤٥٧).
(٥) انظر : المغني (٨ / ١٨).
(٦) انظر : المغني (٨ / ١٨).