ومن استقرأ ذلك عرف صحته عيانا ، فإنك ترى الواحد من المحقّين في الدّين المخلصين فيه ، تخضع له أعناق الجبابرة والفراعنة ، وتخشع لهيبته ذووا الأنفة والحميّة ، ما ذاك إلا لما ألبسه الله من عزّ سلطانه ، وكساه من هيبته.
قال رجل للحسن بن علي رضي الله عنهما : إن الناس يزعمون أن فيك [تيها](١)؟ قال : ليس بتيه ، ولكنه عزّة ، وتلا هذه الآية (٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(١١)
قوله تعالى : (لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ) أي : لا يشغلكم طلب استثمار الأموال ، والقيام على الأولاد (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) قال ابن عباس : طاعته في الجهاد (٣).
وقال عطاء : الصلاة المكتوبة (٤).
وقيل : جميع الفرائض.
__________________
(١) في الأصل : نهيا. والتصويب من ب.
(٢) ذكره الزمخشري في : الكشاف (٤ / ٥٤٥).
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٢٧٧).
(٤) أخرجه البيهقي في الشعب (٣ / ٧٦). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ١٨٠) وعزاه لابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان.