قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) قال صاحب الكشاف (١) : " رهينة" ليست بتأنيث رهين في قوله : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور : ٢١] ، لتأنيث النفس ؛ لأنه لو قصدت الصفة لقيل : رهين ؛ لأن فعيلا بمعنى مفعول ، يستوي فيه المذكر والمؤنث ، وإنما هي بمعنى : الرهن ، [كالشتيمة](٢) بمعنى : الشتم ، كأنه قيل : كل نفس بما كسبت رهن.
وفي معنى الآية ثلاثة أقوال :
أحدها : كل نفس بالغة رهينة بعملها لتحاسب عليه ، (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) ، وهم أطفال المسلمين ؛ لأنه لا حساب عليهم ، لأنهم لا ذنوب لهم. قاله علي عليهالسلام (٣) ، واختاره الفراء (٤).
الثاني : كل نفس من أصحاب النار رهينة في النار ، إلا أصحاب اليمين وهم المؤمنون فإنهم في الجنة. قاله الضحاك (٥).
الثالث : كل نفس مرتهنة بعملها لتحاسب عليه ، إلا أصحاب اليمين فإنهم لا يحاسبون. قاله ابن جريج (٦).
وقال ابن السائب : هم الذين قال لهم : هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهم الذين
__________________
(١) الكشاف (٤ / ٦٥٥).
(٢) في الأصل : كالشتمة. والتصويب من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٣) ذكره الطبري (٢٩ / ١٦٥) ، والماوردي (٦ / ١٤٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٤١١).
(٤) معاني الفراء (٣ / ٢٠٥).
(٥) أخرجه الطبري (٢٩ / ١٦٥) بمعناه. وذكره الماوردي (٦ / ١٤٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٤١١).
(٦) ذكره الماوردي (٦ / ١٤٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٤١١).