قال الفراء (١) : ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها ، إن كانت عملت خيرا قالت : هلّا [ازددت](٢) ، وإن كانت عملت شرا قالت : ليتني لم أفعل. وهذا معنى ما رواه عطاء عن ابن عباس.
وقيل : هي التي لا تزال تلوم نفسها وإن اجتهدت في الإحسان.
قال الحسن : لا ترى المؤمن إلا لائما لنفسه (٣) ، وإن الكافر يمضي قدما لا يعاتب نفسه (٤).
فعلى هذا ؛ يكون القسم بالنفس المؤمنة الشديدة الخوف من ربها ، أقسم بها مؤذنا بشرفها ، معرّضا بتوبيخ الكفار لإعراضهم عن مراقبة ربهم ، ومحاسبة أنفسهم ، ظنا منهم أنها مهملة ، لا تجمع لفصل القضاء والعرض على الله للجزاء.
وقيل : هي نفس آدم لم تزل [تتلوّم](٥) على فعلها الذي خرجت به من الجنة (٦).
قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) يريد : الكافر ، فهو اسم جنس.
__________________
(١) معاني الفراء (٣ / ٢٠٨).
(٢) في الأصل : ازدت. والتصويب من ب.
(٣) في ب : نفسه.
(٤) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب محاسبة النفس (ص : ٢٤). وذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٣٩١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٤١٦) ، والسيوطي في الدر (٨ / ٣٤٣) وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس.
(٥) في الأصل : تلوم. والمثبت من ب.
(٦) انظر : القرطبي (١٩ / ٩٣).