قال الزجاج (١) : وهو اختيار النحويين ؛ لأن كل جمع يأتي بعد ألفه حرفان لا ينصرف. ومن صرف الأول ؛ فلأنه آخر آية ، ومن ترك صرف الثاني ؛ فلأنه ليس بآخر آية. ومن صرف الثاني أتبع اللفظ اللفظ ، فيقولون : هذا جحر ضبّ خرب ، وإنما الخرب من نعت الجحر.
واختلفوا في الوقف عليهما ، فمنهم من يقف بالألف ، ومنهم من يقف بغير ألف ، والحجة فيه : ما أشرنا إليه في" سلاسل".
قرأ العشرة وجمهور القرّاء : " قدّروها" بفتح القاف وتشديد الدال (٢).
وقرأ ابن عباس وأبو عبد الرحمن وأبو عمران والجحدري : بضم القاف وكسر الدال [وتشديدها](٣).
وقرأ حميد وعمرو بن دينار : " قدروها" بفتح القاف وتخفيف الدال (٤).
وبها قرأت على شيخنا أبي البقاء لعاصم من رواية أبان عنه ، وضمير الفاعل على قراءة الأكثرين : للشاربين ، على معنى : قدّروها في أنفسهم ، فجاءت على ما قدّروا. وهذا معنى قول الحسن (٥).
وقيل : للطائفين بها ، على معنى : قدروها على مقدار ريّهم ، لا يزيد عن ريّهم ولا ينقص منه فتطلب الزيادة ، وهذا ألذّ الشراب. وهو معنى قول مجاهد
__________________
(١) معاني الزجاج (٥ / ٢٦٠).
(٢) في ب : والتشديد.
(٣) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٨ / ٤٣٧) ، والدر المصون (٦ / ٤٤٥). وما بين المعكوفين في الأصل : وتشيدها. والتصويب من ب.
(٤) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٨ / ٤٣٧).
(٥) ذكره الماوردي (٦ / ١٧٠) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ٤٣٧).